للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلماء استفاضت بن العالمين شهرتهم واللغات في الدول تابعة في النباهة والخمول لحالة الدولة التي تحمي حماها وإلا فليست الإيطالية مثلاً دون الإفرنسية بجمالها ورنتها بل ربما كانت أسهل منها ومع هذا نازعتها الإفرنسية من عهد لويز الرابع عشر الذي طالت أيامه واشتهرت بكثرة نوابغها في الشعر والأدب والنقد الأخلاقي والفلسفة والتاريخ والفنون.

قالت مدام دي ستايل في كتابها (ألمانيا) الذي ألفته في سنة ١٨١. منذ عهد لويز الرابع عشر أخذت جميع المجتمعات الجميلة في القارة الأوروبية تحصر وكدها في تقليد ألفرنساويين ما عدا الإسبانيين وإيطاليا وقد اعتقد القوم في فينّا (وكانت إذ ذاك مهد الألمانية)

وأفرطوا في اعتقادهم أن من إمارة الظرف أن لا يتكلم المرء بغير الإفرنسية على حين ليس المجد ولا الظرف في كل بلد إلا عبارة عن ألفكر الوطني والصفات الوطنية وقد أُدهش الفرنسويون أوروبا ولا سينا ألمانيا ببراعتهم في الرقائق والأضاحيك ولقد كان البولونيون والروسيون وهم بهجة المجتمع في فينّا لا يتكلمون بغير اللغة ألفرنسية ويحاولون أن يبعدوا عن تلك العاصمة روح الألمانية. وللبولونات أساليب تأخذ بمجامع القلوب في مزجهم التصورات الشرقية إلى مرونة ألفكر ألفرنساوي وحدته - انتهى المقصود منه.

قلنا وقد كان للروس غرام لارنسية بدأ ذلك على عهد بطرس الأكبر مصلح روسيا الحديثة وواضع أساس نهضتها الذي خبع رقبة القديم ولغتها المدنية الغربية بدون قيد ولا شر وكان في روسيا من حيث حب التجدد كالسلطان سليم الثالث العثماني ولكن المحيط ساعد الأول أكثر من هذا الثاني فقبل المدنية الهولندية والمدنية الفرنسوية وأسس الكليات وأسس الكليات العظمى ونظم الأساطيل ودرب الجيوش ومن عهده شاعت الإفرنسية بين طبقات الشعب الراقية وكادت تكون لغة التخاطب في القصور والمجامع العامة وعمت قواعد البلاد الروسية ولا يزال إثر ذلك ظاهراً للعيان في مملكة القياصرة حتى اليوم.

وكل دروب الغرب تعني بتعليم اللغة ألفرنسية عناية فائقة في كلياتها وجامعاتها بل في مدارسها الوسطى وقل في خاصة الأم الأوروبية والأمريكية من لم يحأول أن يتكلم بها الباريزي نفسه لمسيس حاجته إليها في العلم والسياسة والتجارة والصناعات بحيث