أصبحت على طول الزمن عامة حقيقة ولها شيء من المرونة واللّطف وهذا على ما تظن ماحدا بعلماء هذه اللغة وأهل الأدب منها أن يتوفّروا على تحسينها وترويجها الكتب المنوّعة والمجلات وجميع أساليب النّشر.
أمّا في هذا الشّرق الأقرب ونعني به البلاد العثمانيّة والمصرية والإيرانية فقد انتشرت في أواخر القرن الثّامن عشر وزاد انتشارها أكثر بعد عهد نابليون بونابرت فإنّ الحكومة العثمانية بعثت بعثات علمية كثيرة إلى مدارس فرنسا يتعلمون فيها العلوم ويتخرّجون في هذه اللغة وكذلك محمد علي الكبير فإنّه اقتصر في إرسال التّلامذة إلى مدارس فرنسا ليعودوا منها فينظّموا شؤون بلاده على أحدث الطّرق الغربية وكان مستشاروه جماعة من أكابر علماء فرنسا وهم الذين اكتشفوا الآثار المصرية باكتشاف الخطّ الهيروغليفي وأنشأوا المتاحف والحدائق العامة والقناطر والسّدود وأقاموا عمران مصر الحديثة وكان منهم جماعة نابليون ومنهم الذين جاؤوها بعد وبواسطة المدارس والبعثات التي أسسها محمد علي انتشرت اللغة ألفرنسية في وادي النيل.
وكلما كانت المطامع السياسية في هذه البلاد تزداد كانت المدارس تشاد وتنفق عليها فرنسا عن سعة. قال صاحب كتاب المسألة الشرقية لما صح العزم على تخريج طبقة من الناس في المملكة العثمانية يتولون أعمالها ويستلمون زعامتها بدون أن يكون لتعاليم الدينية تأثير فيهم أنشأت الحكومة العثمانية في الأستانة تحت حماية كلٍّ من فؤاد باشا ناظر الخارجية وسفير فرنسا إذ ذاك بحسب الخطّة التي رسمها فيكتور دروي (وزير المعارف في فرنسا) مدرسة غلطة سراي وهي مدرسة وسطى فتحت أبوابها لقبول الرعايا العثمانيين وأدار شؤونها أساتذة أوروبّيّون يعلِّمون باللغة الإفرنسيّة وكان ذلك رمزاً لعمل فرنسا الحريصة على تعليم الشّعوب الشّرقيّة بلغتها مبادئ المدنيّة الغربيّة فافتتحت هذه المدرسة يوم١أيلول ١٨٦٨م واشتدَّ الاعتراض على هذا العمل وثارت خصّيصاً ثورة المتعصّبين الجامدين وأنشأ الرّوسيّون يهزؤون من هذا البابل في اختلاط الألسنة في هذه المدرسة وبلغ تلامذتها في السّنة القابلة ستمائة تلميذاً وكان ذلك أسعد دورٍ في التّنظيمات الخيريّة.
وقال رينيه بينون يعجب السّائح ألفرنساوي ويداخله السّرور عندما يدخل الشّرق إذ يسمع حيثما ينقلب نغمة لغته يرنُّ صداها ويجد حتّى في صميم بلاد آسيا الصّغرى مدارس