قلعة وإلى فقآسيا وإلى العراق جميع ما يلزم الجيوش العثمانيّة هناك بحيث استغنى الجيش العثماني عن جلب هذا الصنف من الغرب وهيهات أن يحصل عليه زمن الحرب وهو محظورٌ إصداره من كل مملكةٍ محاربةٍ أو غير محاربة يعدّ من المواد الحربيّة كالبارود والسلاح فيصادر حيث كان
دلّ هذا المعمل على روحٍ عاليةٍ في التّجدد وأننا أخذتا نحسن الانتفاع بقوانا وأنّ المسلمات كالمسلمين ليس في كتابهنّ ما يمنعهنّ عن مشاركة الرجال في الأعمال وإذا كان القطن يجود كلّ الجودة في سهول أطنة وأغوار الشّام وعندنا ما يلزمنا من الأدوات فلا تقتصر عقولنا عن القيام بالنافع ومراعاة المصلحة حرصاً على الوطن وسلامة لصحّة المجاهدين في الذب عن حياضه نعم قرأنا في تصفّح شؤون معامل القطن أنّ العثمانيات لم يقعد بهنّ الحال عن احتذاء مثال العثمانيين فحبّذا العمل وحبّذا إطّراده زمن الحرب وزمن السّلم
من يزُرْ مصانع الجيش الرابع يحكم حكماً قطعيّاً أنّ الدّولة التي تنظّم مثلها وتخرج مثالاً من المصنوعات التي سبق لنا وصفها صناعةٌ تحارب أربعين سنةً وهي تكاد تكون في استغناءٍ عن الغرب الذي كان بالأمس يعيّرنا بفقدان كلّ شيءٍ عندنا وانسلاخنا من كلّ استعدادٍ حتى كان عيالاً عليه في الخيط والإبرة
رعى الله أحمد جمال باشا قائد هذا الجيش كم له على بلاد الشّام من أيادٍ بيضاء فهو لم يكتف بدفع عاديّة العدو عنهم عنها بل جمّلها جمّل الله أحواله بالطّرق والجسور والمدارس والمشاريع الاقتصاديّة والعلميّة ومن أحسن آثار عمله هذه الصناعات التي استفاد منها جيشنا اليوم وغداً يستفيد منها الجيش والأمة التي يتألف منها هذا الجيش المحبوب
نعم غداً تنتهي الحرب ويخرج من تحت السّلاح مئات الألوف من أبناء هذا الوطن العزيز زمنهم من أسعده الطّالع بتعلّم صناعةٍ من هذه الصناعات فبعد أن كان قبل الحرب متشرّداً أو في حكم المتشّرد يستطيع غداً أن يكسب معاشه من صناعته ويعتمد على كدّه وعمله وقريحته
غداً يكون من أبنائنا بفضل الجيش الرابع أمهر النّسّاجين والخيميين والخيّاطين والحاكة والحدادين والنّجارين والسّروجيين والبياطرة وعملة المربّيات والمحفوظات من البقول والثّمار وغيرها مما لم تعهده ديارنا من قبل ويخرج خرّيج هذه المعامل وقد تعلّم قدر الوقت