إذا جاشت بها قدرٌ تفور ... تدور كما يصرفها المدير
وإن زفرت يطير بها الزّفير ... وإن غضبت يجنّ لها جنون
كأن البرق أصدقها الودادا ... فملّكها بجبينه الفؤادا
وصيّرها لناظره سواداً ... ولكنّ الخفوق لها جفونٌ
بجانحة الزّمان غدت ضميراً ... وطرفاً في محاجره قريراً
وعضباً في سواعده طريراً ... ولكن غير ما صنع القيون
أيا عصر البخار إليك شكوى ... يغصّ بها فم الأيّام شجواً
ابن إن كنت تنطق لي بنجوى ... لها بأضالعي وجدٌ كمين
أينطق في معاجزك الجماد ... ولم يمطرهم رفقٌ ولين
أتجريها جواري منشِئاتٍ ... مواثل كالجبال الرآسيات
وتوقرها صنوف المجعزات ... تراع بها المعاقل والحصون
تخادعنا ببرّاق لموعٍ ... كذلك شيمة الختل الخدوع
وكم لك في البريّة من صنيعٍ ... تشيب له الذّوائب والقرون
فنونك لم تدع أرضاً خلاءً ... ولم تجرِ بها عسلاً وماء
وكم فيها أفاضت كهرباَء ... بساطعها اعتدى ضبٌّ ونونُ
لئن نصبت بنوكٌ لها دلائل ... فلم تكًُ للورى إلا حبائل
وإن أهلّت بآنسها المجاهل ... فما هي للنهى إلا حزون
وكم لبنيك من آي اختراع ... طوائلها تقصّر كلّ باع
وتذهب بالمذانب والتّلاع ... إذا يوماً لها فاضت عيون
لئن خلبت بوارقها العقولا ... فلم يكُ ومضها غلا نصولا
وكم فينا جلت عضباً صقيلاً ... مواقع حدّ منّا الوتين
إلى مَ حياتنا تفنى جهاداً ... وأنفسنا نقطّعها جلاداً
ونحمل في الدّنا نوباً شداداً ... تنوء بحملها الأجد الأمون
أعصرَ النّور لم نرَ فيك نوراً ... ولا منك البخار غدا مطيرا
ولكن من دمٍ أجرى بحوراً ... وأشلاء الأنام بها سفين