وفي الثالثة ٨. ونفقة الأولى على الجيش والأسطول ٢١. ٨٦والثانية ٣٣. ٥. والثالثة ٦٧. ٢٩
ومن الغريب أن ألمانيا لم تؤثّر الحرب فيها كما أثّرت في غيرها وأنّ ما أنفقته حكومتها على إعداد الأساطيل والجيوش تسرّب إلى خزائن رعاياها فقد قال الدكتور هلفريش الأخصائي المشهور أن أكثر من نصف ما أنفقته تلك الدولة تحول إلى ريع للملتزمين والمتعهدين في حين ترى سائر الدول المحاربة لم يكد يبقى لها ولرعاياها مما أنفقت سوى الربع على أكثر تعديل فأنفقت ألمانيا في السنتين نحو ٢. - ٢٥ مليار مارك والنمسا والمجر ١. - ١٢ ملياراً وإنكلترا ٤. وفرنسا ٢٥ وروسيا ٣. ففقدت ألمانيا من مجموع ثروتها نحو ٦ في المئة وإنكلترا أكثر من الضّعف وقد قدّر أحد رجال ألمانيا أنّ أمّته يقتضي لها ثلاث أو أربع سنين بعد الحرب لتستعيد مكانتها الاقتصادية على شرط أن لا يحسب في باب النفقات إلا ما أنفقته مباشرة على الحرب. وقال أن ثروتها تريد عشرة مليارات في العادة كل سنة منها ثمانية مليارات إلى ثمانية ونصف قيمة عمل وإذا قلت الزيادة بعد الحرب قليلاً فثلاث أو أربع سنين تكفي وأن ما يبهظ العوائق في ألمانيا من الضرائب مدّة الحرب ينزل بعدها فتتعادل الحالة الاقتصادية
هذه حقائق تشهد شهادةً صادقةً بارتقاء حليفتنا ومن أعدّ للمستقبل مثل هذه العدّة المالية يستحيل على جيوشه أن تغلب وعلى خزانته أن تنضب ومثل هذه القوى المادية إذا وقفت إلى إيجادها أمّةٌ لا تحارب حولين فقط بل عشراتٍ من السنين.
الجرائم والحرب
كتب الغربيون كثيراً في الدواعي والبواعث على الإخلال بالأمن والقتل والانتحار وقام أناس يدّعون في العهد الأخير أن الحرب من العوامل التي تساعد على كثرة الجرائم بالواسطة لأنها تحسّن حالة الاستكثار من التسليح وهو على ما يزعمون سبب معظم الشرور التي يقاسي منها المجتمع وخصوصاً في كثرة الجرائم وزعموا أن التسليح العام سببٌ عظيمٌ من أسباب الانحلال الطبيعي والأدبي. وهذا القول يصحّ على إطلاقه بالنظر للفرنسيس والطليان مثلاً حيث يضعف الوازع الديني وتطلق للنفوس حريتها المطلقة ولا يصح على النمسا والمجر وألمانيا حيث تجد للآداب الدّينية والمدنيّة شأنها ذلك لأنّ ضابط