هاتين الأمتين الأخيرتين يتعلمون تعلماً يتمكنون به من إحسان الخدمة زمن السلم وزمن الحرب وهم للمجتمع هناك مادة قوّة لا سبب ضعف أمّا الجنود فإن التدقيق في نظامهم وتدريهم في الثكن يؤثر فيهم تأثيراً فيهم تأثيراً أخلاقيّاً مهمّا. وكثير من أهل الدّعارة قضوا خدمتهم الجنديّة فلمّا عادوا إلى قراهم كانوا مثال حسن السّلوك وذلك لأنهم النظام وهذا أكبر أعداء الجرائم. ولذا فإن قوانين بعض البلاد تقضي بأن لا يجعل المجرم الصغير في دار الإصلاح إلى ما بعد الحادية والعشرين من عمره فينقل إذ ذاك إلى الثّكنة لأنّ الملحوظ أنّها تطهره بنظامها وتوفي ما عجزت عنه الحبوس ودور الإصلاح للنّفوس فالجنديّة إذا هي من العوامل الّتي تؤثّر تأثيراً حسناً في تقليل الجّرائم وليست عاملاً من عواملها ولا سبيل إلى الدّفاع عن دولة والاحتفاظ بمصالح الجماعة إلاّ بقوة السّلاح.
منذ قرون بل على عهد نابليون كانت الجيوش مؤلفّة من حثالة من اللصوص ومن أناس لا خلاق لهم بحيث لا يستغرب أنّ الناس يخشونهم كما يخشون قطّاع الطّوق أرباب الشقاوة وكانت فرنسا إلى القرن السابع عشر تتخذ حتى الحامية الملوكية من الدّعار بحيث كان الجند مصيبة على الأمّة كما قال بعض مؤرخيهم
وإذا نظرنا إلى حرب النّمسا وبروسيّا سنة ١٨٦٦ وحرب ألمانيا وفرنسا سنة١٨٧. - ١٨٧١ نجد كما قال بعضهم أن عدد الجرائم والجنايات في المجر سنة ١٨٦٦ ٣٦٦٣ وعدد الجنح٩٥٨٣ أي أقل مما كان في السنين التي سلفت. فارتكبت سنة١٨٦٥ - ٢٨٦٤ اعتداء على الآداب وفي سنة ١٨٦٦ كان عدد هذا النوع ٢٥٨٨ وسنة ١٨٦٧ - ٢٧٣٢ وارتكبت سنة١٨٦٥ - ٥٩٦ جناية قتل وسنة ١٨٦٥ - ٥٣٩ وسنة ١٨٦٧ - ٦١٨ وارتكبت سنة١٨٦٥ - ٤٤. ١٦٢ سرقة وسنة ١٨٦٦ - ٤٣. ٥٧٥ وسنة ١٨٦٧=٤١. ٧١٧ وجميع الجرائم والجنح تقل زمن الحرب ولكن تزيد زمن الحرب جرائم أخرى مثل جرائم تناول الملوك بسوء أو تفوهات ردينه كما جرائم سك النقود زادت الجنح في السّنة التّالية لسنة حرب ألمانيا=فرنسا زيادة مهمّة. . . .
وأهمّ الأسباب المؤثرة مباشرة في تقليل الجرائم مدّة الحرب هو أن عناصر الشّعب التي تجترح الجرائم تكون في ساحة الحرب مشغولة فقد جيّشت ألمانيا في حرب السّبعين مليوناً ومائتي ألف جندي فخف بذلك عدد المجرمين ولكن زاد عدد المجرمات وذلك لأن النَساء