مقدسة جاد الربيع بلادها ... ففي كل أرض روضة وغديرها
هذا ما وصف به البحتري القطر الشامي منذ نحو ألف سنة وهو يصدق عليه اليوم وإلى ما بعد اليوم فقد منح الفاطر تعالى هذا القطر من ضروب الجمال والاعتدال ما هو قرة العيون وبهجة النفوس فقضى أن تأخذ فيه ألفصول الأربعة حكمها وأن تتم في قيعانه وجباله وأسباب النعيم في الحياة: أهويته معتدلة، وأمطاره وثلوجه متهاطلة، وتربته مخصبه، وغاباته ومعادنه ليست بقليلة، وأنهاره جارية، وبحيراته غريبة وأجواؤه بهجه، ورباعه منبسطة.
تعشق الشام لأنها رأت طلعة موسى وعيسى وأحمد صلوات الله عليهم من النبين وأمثال الإسكندر وابن الخطاب وابن الوليد ونور الدين وصلاح الدين وسليم وابراهيم ونابليون من ألفاتحين وعمر بن عبد العزيز والمأمون من الخلفاء العادلين فقل في الممالك كما قال كورتيوس المؤرخ الألماني ما اندمج فيه الكثير من التواريخ في بقعة ضيقة كهذه.
يضم الشام بين جوانحه معظم المعتقدات والمذاهب ولذلك كثر بالأمس الطامعون به فكان من حسنات هذه الحرب أن قضي على مطامعهم آخر الدهر إن شاء الله وعرف من لم يكن يعرف أن الجامعة العثمانية أشرف الجامعات وأقواها وأن التفكر في غيرها مثلبة مهلكة.
وداعاً بلاد الشام فقد اخذت بمجامع القلوب بخصائصك الطبيعية فكل تعب يهون في خدمتك وكل مفاداة يستهان بها في سبيل مرضاتك فأرضك معشوقة الأنفس، وتربتك عليها درجنا وفيها ندرج ولن نتخذ عنك بديلاً مهما تحملنا من المشاق وما عناؤنا إلا ابتغاء المبالغة في العناية بأمرك.
سلام عليك بلاد الشام معدن الخيرات والبركات مهوى الهوى ومغاني الخردالعين سلام على مناظر حرمون وصنين والصبر وقاسين ويوشع والأرز والهرمل والكمل، سلام على أغوارك وأنجادك وعلى بحيراتك وأنهارك، سلام على الأردن واليرموك والعاصي والفرات وبردى والساجور والليطاني والزرقاء والعوجاء والأعوج والأولي وقاديشا والموجب وغيرها من أنهارك وجداولك التي تفيض البركات على أبنائك.
سلام على جبال الشراة والخليل وعامل وسئير وحوران وعجلون وحرمون ولبنان وعكار واللكام وأنطاكية والقصير وريحا، سلام على سهول حوران والجولان والجيدور والغوطة