عليهم إعاشة نفوسهم مع الاختلاف إلى المدرسة وطلب العلم أما الأغنياء والمتوسطون وبعبارة أخرى كل من يستطيع أن يقوم بنفقة ابنه وقريبه في داره فهم يفضلون المدارس النهارية على الليلية، ومنشأ هذا الميل اعتنائهم بحياة العائلة وتربيتها فالوالد يرغب من صميم فؤاده أن يكون طفله قريباً من حياة أسرته مشاركاً لها في معائشها كي لا يطرق الخلل إلى تربيته وأخلاقه الموروثة عن آبائه وأجداده فهو يود أن يشرف دائماً على أطواره وعاداته وأخلاقه وتربيته ويرجح أن يمضي ولده سواد الليل في داره وبين أركان عائلته على أن يكون نائياً عنها في مدرسة ليلية.
ولا تقل مدارس الإناث في ألمانيا رقياً وانتظاماً عن مدارس الذكور وقد فاقت ألمانيا غيرها من أمم العالم المتمدن في هذا الشأن وبرزت عليها جميعها فالمأة الألمانية - حسب شهادة بعض العلماء - أعلى كعباً في العلم وأرقى أخلاقاً وأشرف نفساً من المرأة في فرنسا وانكلترا وأميركا وايطاليا والنمسا فهي خلقت لتربية أطفالها ومشاركة زوجها في أعماله وتخفيف كروبه وخطوبه ولها عناية كبرى في تدبير منزلها لا يسابقها أحد في هذا المضمار وهي أقل نفقة من النساء ألفرنساويات والأميركيات والإنكليزيات ولا تميل إلى البهرجة والفخفخة بل تقنع بالألبسة المتينة البسيطة وتجتهد في اجتناب ما ينافي أطوارها الاجتماعية ويمس تربيتها وأخلاقها، والفضل في ارتقاء المرأة الألمانية عائد بالطبع إلى انتظام مدارس الإناث وإحكام أصول التدريس فيها وهي تنقسم إلى ثلاثة فروع أو أقسام فالأول هو إعداد ألفتيات للدخول إلى الجامعات الكبرى والإحصاء في علم من العلوم كالطب والهندسة والفلسفة والتربية والتعليم والاجتماع والآداب والثاني هو اللحوق بدور المعلمات لتخريج معلمات من الجنس اللطيف أخصائيات في التربية والتعليم وإدارة المعاهد العلمية والثالث من أهم فروع مدارس الإناث هو المدارس الخاصة بالنساء الراغبات في علم تدبير المنزل وتأليف الأسر وإنشاء العائلات ويشترط على اللاحقات بهذا ألفرع أن يكنّ من حاملات شهادة البكلوريا وقد أصبح لهذه المدارس أثر خالد في ارتقاء الحياة الاجتماعية والانتظام السائد في المدارس الألمانية فهي تنشئ ألفتيات على أساليب علمية وأصول راقية بحيث تكون الخريجة منها صالحة لإدارة منزلها وتربية أطفالها ومعاشرة زوجها فالمرأة هي الحاكمة والأميرة المطلقة في دارها فإذا لم تكن عالمة بشؤون الاقتصاد