وأما القساطل في قوله (ص ٣٢):
والنيل قد مدت إليه قساطل ... وجرى أمام ألفاتحين الكوثر
بمعنى الأوعية التي يجري فيها الماء من الحديد أو غيره فلا أحسبه مما عرفته اللغة فكان ينبغي الإشارة إلى أنه من محدثات المتأخرين وإنما القسطل الغبار. . ولا سبيل إلى منع صرف السبع بتكلف في قوله:
وببئر سبع جرى الحديد كأنما ... بخطوطه للنصر نكتب أسطر
والقصيدة الثانية في الكتاب تعد من غرره ودرره إليك منها (ص ٣٣):
يوم يتيه به الزمان ويفخر ... ميألق بالبشر أبلج أزهر
مشت الكتائب فيه يتبع بعضها ... بعضاً تخب بها العتاق الضمير
والبض في أيدي الكماة لوامع ... كالبرق تخفى في العجاج وتظهر
ومواكب في أثرهن مواكب ... من فوقها خفق اللواء الأحمر
هتفت فرددت البلاد هتافها ... لما بدا سيف الخلافة أنور
بطل له في الخافقين كليهما ... تاريخ مجد بالسيوف مطر
وما كان ليتبغي لصاحب هذه القصيدة أن يمنع من الصرف اسم علم الجمال في قوله (ص ٣٦):
وجمال منه لديك خير معاضد ... في بأسه ذكرى لمن يتذكر
ومن الطالع الحميلة في الكتاب ما ورد (ص ٤.):
زها السرق لما لاح أنورنا ألفرد ... فمن وفده نور ومن وجهه سعد
وفي هذه القصيدة أبيات منتخبات وكان يحس بصاحبها أن يبتعد عن لغة الإشغال الرديئة في قوله (ص ٢٤٢):
وحرب ضروس أشغلت حركاتها ... ممالك أوروبا وضاع بها الودّ
وعن تعدية أغار باللام في قوله:
أغار العدى للدردنيل ومادروا ... بأن بجوف الدردنيل هو اللحد
وله أن يقول: في الدردنيل. وفي الشطر الثاني ركة ظاهرة تشفع بها
أجادته بعد أبيات بقوله: