للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التجارة وإنكلترا تقول بحريتها.

ولقد خيف على مستقبل التجارة الإنكليزية حتى قال غلادستون: مهما كان من سرعة سيرنا معاشر الإنكليز فإن سير الولايات المتحدة قد جعلنا وراءها بمراحل وستكسف تلك البنت أمها وتشل المقام الأول الذي نشغله اليوم فلا نستطيع إذ ذاك أن نصدها عنه إلا كما صدت البندقية وجنوة وهولندا عظمتنا المأثورة. قال الكاتب هذا القول سنة ١٨٧٠ ولم يكد يتم القرن التاسع عشر حتى صارت إنكلترا من هذه الوجهة دولة ثانوية ولأميركا المقام المحمود وحق التصدر والأولية وأمست إنكلترا لا يهمها سبق أميركا وحدها بل قام لها من دول الأرض من حذون حذو الأميركان في مباراتهم التجارية مثل الألمان واليابان والروس.

وغير خاف أن العنصر السكسوني من أعظم العناصر إدلالاً بعظمته حتى لقد صرح يوماً سسل رودس الغني المشهور الملقب بنابليون الكاب بأن الله اختار العنصر الذي يتكلم الإنكليزية ليكون أداة يقام بها مجتمع أسس على العدل والحرية والسلام ولطالما صرح نبلاء الأمة الإنكليزية بمثل هذه الأفكار وأظهروا من الفرح بنهضة الأميركيين وأن نجاحهم كيف كان يعد نعمة على البريطانيين لا نقمة. قال بعضهم سئل إسكندر دوماس القصصي الفرنسي ذات يوم أي تأليفه أحب إليه وكان ابنه جالساً بالقرب منه فأشار بيده إلى ابنه وقال هذا. ولذلك أقول أي حسنة تعد لإنكلترا الولايات المتحدة رأس حسناتها أهلها أهل العزائم وهم أجدر منا بالقيام بالعظائم.

ومن جملة ما أوصى به سسل رودس من الأعمال الخيرية أن يصرف من ماله على الدهر أجرة تعليم تلميذين من كل ولاية من الولايات المتحدة يجيئون مدرسة اكسفورد الجامعة في بلاده ليتعلموا فيها على نفقته ويعودوا إلى أميركا لتنتفع بهم أمته. قالت إحدى الجرائد ولو كان عكس الأمر بأن أوصى أن يعلم بعض أبناء بلاده في أميركا للوقوف على أحوال الأميركان لعمل خيراً كبيراً. حتى أن القاعدة الشائعة في مدرسة هارفرد الجامعة الأميركية التي سنها الفيلسوف أميرسون الأمريكي هي: أن السكسونيين كانوا وعليهم أن يكونوا العنصر الحاكم المتسلط وما يطمحون إليه هو أبسط النفوذ والقدرة على الاضطلاع بالأعمال.