وغلى الشرق نحو البصرة والهند ومن الشمال إلى طربون على البحر الأسود تحمل بضائع المملكة البيزنطية وإلى الشمال الشرقي إلى سرقند وبحر الخزر حيث كان يذهب التجار ليأخذوا جلود روسيا وشمعها وعسلها وكانت القوافل من القاهرة تسير إلى الغرب في الطريق العظيم الذي يحاذي البحر على طوله ماراً بطرابلس والقيروان لينفذ من طنجة التي كانت تصل إليها تجارة أسبانيا ومن الجنوب طريق يصعد منها إلى النيل حتى بلاد السودان وآخر يسير على الشاطئ الشرقي من افريقية حيث أنشأت العرب مقدشو وكلوة وسفالة ومن هذه الجهة كان يصدر التبر والعاج والعبيد.
قال ابن خرداذبة في المسالك والممالك: كان مسلك التجار اليهود الرازانية الذين يتكلمون بالعربية والفارسية والرومية والإفرنجية والأندلسية والصقلبية أنهم يسافرون من المشرق إلى المغرب براً وبحراً يجلبون من المغرب الخدم والجواري والغلمان والديباج وجلود الخز والفرآء والسمور والسيوف ويركبون من فرنجة (فرنسا) في البحر الغربي فيخرجون بالفرما ويحملون تجارتهم على الظهر إلى القلزم إلى أبحار وجدة ثم يمضون إلى السند والهند والصين فيحملون من الصين المسك والعود والكافور والدار الصيني وغير ذلك مما يحمل من تلك النواحي حتى يرجعوا إلى القلزم ثم يحملونه إلى الفرما ثم يركبون في البحر الغربي فربما عدلو بتجارتهم إلى القسطنطينية فباعوها من الروم وربما صاروا بها إلى ملك فرنجة فيبيعوها هناك وإن شاؤا حملوا تجاراتهم من فرنجة في البحر الغربي فيخرجون بأنطاكية ويسيرون على الأرض ثلث مراحل إلى الجابية (?) ثم يركبون في الفرات إلى بغداد ثم يركبون في دجلة إلى الإبلة ومن الإبلة إلى عمان والسند والهند والصين كل ذلك متصل بعضه ببعض.
فأما مسلك تجار الروس وهم جنس من الصقالبة فإنهم يحملون جلود الخز وجلود الثعالب السود والسيوف من أقصى صقلية إلى البحر الرومي فيعشرهم صاحب الروم وإن ساروا في تنيس نهر الصقالبة مروا بخليج مدينة الخزر فيعشرهم صاحبها ثم يصيرون إلى بحر جرجان فيخرجون في أي سواحله أحبوا وقطر هذا البحر خمسة مائة فرسخ وربما حملوا تجارتهم من جرجان على الإبل إلى بغداد ويترجم عنهم الخدم الصقالبة ويدعون أنهم نصارى فيؤدون الجزية. فأما مسلكهم في البر فإن الخارج منهم يخرج من الأندلس أو من