الغاية وكان الدوج دي بروكلي يتأنق في إعداد خطبه لكنه يستطيع أن يرتجل على أيسر وجه وكان بوفه مرتجلاً يؤثر بفصاحته في مجلس الشيوخ في مسائل كثيرة وإن كان عضواً من حزب قليل في الوزراء. وكتب المحامي الإيطالي هنريسكوفري عن نفسه فقال أنه تعلم بأن كان يقصد الضواحي ويرفع صوته ويجرب نفسه بالخطابة حتى خطب مرة ثماني ساعات متوالية ومرة إحدى عشرة ساعة.
ونشر آجام عادات طائفة من الأساتذة والمحاضرين من العلماء في الخطابة من الفرنسيس فكان منهم أناس يفكرون ملياً قبل أن يخطبوا أي أنهم يعدون الكلام أو معناه ومنهم من يكتب ما يريد قبل إلقائه والآخرون يرتجلون والأكثر في هذه الفئة الكتابة قبل الإلقاء لأن خطبهم علمية على الأغلب ولا يرتجل عادة سوى السياسيين وعلى من أحب أن يجودها أن يخطب لنفسه في منتزه أو قاعة خاصة مرة أو عشر مرات ريثما يستجم قريحته ولا تخونه الألفاظ وكل مرة في الموضوع الواحد تزيد معانيه وتعزز ألفاظه وجب ألا يهتم لانتقائها والتنطع فيها بل يكفي بما جاءه عفو الخاطر وابن الساعة.
وقد سأل المؤلف كثيرين من المشتهرين بالخطابة من قومه المبرزين فيها عن طرقهم في تعلمهم وارتجالهم فمنهم من قال أنه يفكر ملياً في محاضراته بأن يقولها بصوت منخفض أولاً وأحياناً يقولها في عقله وأنه لا يكتب كتاباً صغيراً قبل أن ينشئه في عقله ويستظهر الجمل الأربع الأولى حتى لا يفجأه الحضور مثل أمامهم ومنهم من تحضره الأفكار إذا أمسك القلم وقيدها لكنه يحاذر استظهاره وهو يرى أن من يكتب محاضرته وخطابه يتعلم الارتجال مع الزمن ومنهم من تتمثل لعينيه المعاني والألفاظ عندما يشرع في الكلام كأنها مكتوبة أمام عينيه ومنهم من ينظم الأفكار التي يحاضرها على الورق ثم يرتجل ويستعد قبل الكلام أن يقول في ذاته ما يجب إلقاءه على الجمهور مرة أو مرتين وقال أنه بكتابته خطابه من قبل يسقط على الأفكار التي لا تجيئه بصورة أخرى ومنهم من قال أن خير طريقة لاستظهار ما يريد إلقاءه أن يكتب تلك القطعة ومنهم وهو أستاذ عظيم يعد موضوعه ولاً ثم يعين في عقله أفكاره ثم يخط لها خطة ثم يفكر في البراهين التي عثر عليها ونظمها ومنهم من ضعفت ذاكرته فيضطر للاستظهار أن يحرك شفتيه بما يحفظ حتى يعلق شيء منه في ذهنه ومنهم من لا يحسن الكلام إلا إذا اضطربت نفسه وفرحت أو سخطت فإنه في