بشمالها والسيف بيمينها ثم قال عن فوائد هذه الحرب أنها علمت العثمانيين حياة الاستقلال وأطلعتهم على خفايا السياسة وكوامنها ومن أمثلة ذلك أن راية الهلال خفقت تعلى السارية التي كانت تخفق فوقه راية الألوان الثلاثة في دار المجانين فانقلب هذا المشروع الذي كان ملوثاً بأدران المفاسد السافلة والغاغيات الرذيلة إلى عمل شريف يخدم الإنسانية والبشرية.
من مضار المدارس الأجنبية في سورية أنها حببت المهاجرة إلى الشبيبة حتى أن الوطن السوري لم ينتفع النفع المقصود من جمهور كبير من المتعلمين الذين برعوا في فنون كثيرة كالطب والهندسة والآداب والفلسفة والحقوق والعلوم الاجتماعية وفي كل سنة تهاجر إلى أميركا ومصؤر والسودان طبقات من الشبان المستنيرين بنور العلم والعرقان ولو كان التعليم في سورية وفي مدارسها الأجنبية على المناحي الوطنية الممزوجةة بروح العصر لكانت الحركة العلمية القائمة في هذا القطر منذ نصف قرن تقريباً قد رفعته إلى سماء المعالي والمفاخر وإلى مصاف البلاد الناهضة لأن خريجي المدارس يزدادون كل سنة زيادة محسوسة بيد أن العبرة في الأسلوب العلمي لا في كثرة المتعلمين والناشئين
لكانت الأمة اليوم على أسلوبة واحد في عاداتها وأخلاقها ومبادئها وغاياتها على اختلاف المذاهب والأجناس وكلما اشتدت وطأة التعليم الأجنبي تصاغرت أمامها الوطنية وضعفت لعة البلاد واللغة الرسمية الواجب انتشارها لإيجاد صلة التعارف والتفاهم بين الحاكم والمحكوم وبين الرعية والرعاة ففي بيروت تسود اللغة الفرنسوية سيادة مطلقة وبها تجري المخاطبات والمكاتيات ودخلت أكواخ اتلفقراء كما شاعت في قصور الأغنياء وتنتشر اللغة الإنكليزية في لبنان وتضارع لغة البلاد كما تنتشر الألمانية في فلسطين فأصبحت اللغة العربية لا شأن لها في صميم بلادها بقطع النظر عن بعض بيوتات اشتغلت بآدابها وفلسفتها واختصت بنشر النافع من أسفارها وتكاد تكون اللغة الرسمية في حكم العدم تجاه الألسنة الأجنبية وهذا ما عاد على الأمة والوطن بالضرر الجسيم فقد صار المتعلم يعرف من تاريخ الفرنسيس والطليان والإنكليزة والألمان ما لا يعرف بعضه عن بلاده اليت أقلته أرضها وأظلته سماؤها أما في دمشق وحلب وبعض مدن الداخل فالحالة فيها على عكس مدن السواحل التي انبثت فيها مدارس المرسلين فاللغة العربية في قلب البلاد السورية أقوى بكثير منها في سواحلها - ماعدا بيروت - وكذلك يقال عن اللغة الرسمية التي