وجدت أفذاذاً انكبوا على اتقانة آدابها ونشرها بين الشعب وقد رأيت كثيراً من الخاصة والعامة لاسيما في حلب وأعمالها يتكلمون بها هي والعربية على حد سواء. .
اللغة والأدب
اللغة في العراق راقية أكثر من رقيها في سورية كما يشهد المنصفون الذين عرفوا القطرين وامتزجوا بالشعبين فالنابغون في الآداب العربية كالشعر واللغة هم في العراق أكثر منهم في سورية فعلى وفرة المدارس واقتراب بلاد الشام من العالم المتمدن لم ينبغ فيها شعراء وفصحاء كالرصافي والزهاوي والشبيبي وشقيقه والكاظمي والحلي والهنداوي والعبيدي فهم أمثولة الشعر العربي اليوم وزبدة ما وصل إليه عقول العرب من الارتقاء في الآداب وأمثالهم في القطر المصري قلائل جداً يعدون على الأصابع ولا نظن حافظ ابراهيم وشوقي محرم يفوقون هؤلاء المشاهير العراقيين في شيء من قوة التصور ورقة الخيال ودقة المعاني وعذوبة الألفاظ على إننا لا نحرم سوريا من العدل والإنصاف فنعترف أن الإنشاء في سورية يفوق الإنشاء في العراق والفرق بين الفريقين بعيد وكبير فإن سورية قطعت مراحل واسعة في هذا الميدان وأحسنت في تقليد الإفرنج بأسلوبهم وتعبيرهم ولكي ينشأ في العراق كتاب مجيدون على الطرز الحديث كالريحاني وجبران خليل جبران والغريب في الأسلوب الإفرنجي وإضراب محمد كرد علي والمغربي وشكيب ارسلان في الأسلوب العلمي والاجتماعي ويجب أن تجتهد الأمة العراقية وتسعى أكثر مما سعت في إتقان هذه الأعمال الصحافية. فالعراق من هذه الوجهة لا يزال في دور الطفولية وعهده بالصحافة قريب.
قلنا أن لغة العراق راقية وفضلناها على لغة السوريين لأن الأولى خالية من الألفاظ الأجنبية والتعابير الإفرنجية والثانية مشحونة بها وبكل ما هو دخيل في العربية وهذا ناشئ عن احتكاك السوريين بالأوربيين واقتباسهم نع أوربا العلوم والعرفان وعن بعد العراق عن بلاد الغرب وقلة احتكاكه بالأجانب ولما كان العرب حملة العلم ودعاة التمدين كانت ألفاظ اللغة العربية منتشرة في تعابير الفرنسيس والأسبان والطليان ولا سيما ما يخص المصطلحات الفنية ولكن لما تقهقر العرب في ميدان الحضارة وشرعوا اليوم بالأخذ عن مدنية أوربا دخلت إلى لغتهم بعض التعابير.