اختصاص المحاكم المختلطة ولا يجوز الدخول إلى منزل أوروبي (وأميركي أيضاًَ) غلا بعد مصادقة قنصله على ذلك ما لم يكن الدخول إلى منزله ناتجاً عن قضية جنائية تختص المحاكم المختلطة بالنظر فيها ألا تضرب ضريبه على الأوربيين من الضرائب التي يجبي لمال منهم فيها رأساً كالأموال المقورة إلا بعد مصادقة جميع الدول على ذلك.
وهكذا كان يحكم في مصر في الحقيقة زهاء أربع عشرة دولة وكذلك في بلاد السلطنة وكان للصعلوك الغربي من الشأن ما تتضائل أمامه قيمة الشريف العثماني والمصري فالغربي في هذه البلاد ينجر وينتمي ويسرق ويشتط وقد يرتكب الجنايات وهو في حل من كل عقوبة ومن كل ضريبة مرعي الجانب محترم بين الخاصة والعامة يهدد بخادم قنصله فينال من العثمانيين والمصريين كل ما تطمح إليه نفسه ويدوس حقوق البلاد ويعق قانونها ويتمتع بخيراتها والغرم على أهلها فقط مع أن للغنم بالغرم في كل بلد أقامت للحقوق وزناً.
نشأت الامتيازات الأجنبية في هذا الشرق القريب قبيل قيام الدولة العلية العثمانية وكان اختلاط ملوك الطوائف من الأيوبيين والجراكسة المماليك كثيراً مع بعض مدن فرنجة أي فرنسا ووجمهوريات البنادقة والجنوبيين والبيزيين أي إيطاليا ولما جاءت الدولة العلية منحت بعض امتيازات للأوربيين تفضلاً منها فأعطت في أيام قوتها ما استعملته الدول يعد سلاحاً في وجه الدولة ورعاياها فنتج شر مسطير من عمل انبعث عن مرحمة وشفقة فبلغت لقحة مبالغها بكيل أجنبي في هذه السلطنة وما زال يشتد خناق الامتيازات على الحكومة حتى الغتها أوائل هذه الحرب وكان من أحسن ما وقفت إلى عمله من الأعمال النافعة وهذه الحقبة من الزمن.
ويقال على الجملة إن هذه الامتيازات الأجنبية بدأت في القرن الثاني عشر للميلاد فمنح أهل مرسيليا حق التحاكم أمام قضاة خصوصيين وأن يكون لهم في معظم مدن الشرق شارع خاص وكنيسة وفرن ونالت بعض المدن الإيطالية بعض الامتيازات في بعض الأقطار الإسلامية ولكن فرنسا سبقت في هذا الشأن فلم تنل امتيازات بسبب رعاياها فقط بل باسم الشعوب المسيحية ولما نالت فرنسا الامتيازات على عهد السلطان سليمان سنة ٩٤٣ اشترط مثل تلك الامتيازات لدولة الإنكليز ومنها ابتدأت العلائق وفي عهد السلطان مراد الثالث سنة ٩٨٥هـ نالت الملكة ايزاببيلا امتيازاً خاصاً بتجار بلادها وهي أن تحمل