سفنها العلم الإنكليزي وبه تدخل بلاد الدولة وكان يحظر عليها ذلك من قبل بل كانت السفن على اختلاف جنسياتها ما عدا سفن البندقية لا تدخل المواني العثمانية إلا إذا كانت تحمل العلم الفرنساوي كما قضت بذلك العهود المبرمة مع السلطان سليمان ابن السلطان سليم الثاني وتجددت في أوائل حكم السلطان مراد الثالث.
فالمعاهدة التي عقدت بين السلطان سليمان القانوني وفرنسوا الأول ملك فرنسا سنة ١٥٣٩ وهي معاهدة صلح وتحالف كانت نموذجاً وأساساً لكل ما عقد بعدها من المعاهدات ومن سنة ١٥٣٥ إلى ١٧٤٠ جددت الامتيازات الفرنسوية في المملكة العثمانية اثنتي عشر مرة بدون إدخال تعديل كبير عليها وكان من الشر في ذلك أن أصبح رعايا الأجانب في المسائل المدنية والحقوقية يتقاضون أمام المحاكم القنصلية بل تقضي هذه بينهم في مسائل الجنايات أيضاً.
ولما حمل نابليون الأول حملته المشهورة على مصر (١٧٩٨ - ١٨٠٠) احتلت الصلات بين الدولة العثمانية وإمبراطورية فرنسا ولكن عادت الحكومة العثمانية فاعترفت بالامتيازات الأجنبية وصدقت عليها في معاهدتي ١٨٠٢ - ١٨٣٨ وبعد حرب القريم أرادت الدولة العلية أن تتحرر من رق هذه الامتيازات فنظرت فيها وعينت الصلات التجارية فيها وعقد الباب العالي في سنتي ١٨٦١ - ٦٣ معاهدات تجارية جديدة مع فرنسا وبريطانيا العظمى وايطاليا وروسيا والنمسا والولايات المتحدة وبروسيا والاتحاد الجمركي الألماني وكلها تؤيد حق الأجانب في السلطنة وتحميهم.
إن المعاهدة التي عقدها فيلنوب سفير لويز الخامس عشر ملك فرنسا لدى السلطان محمود الأول سنة ١٧٤٠ وما زالت مرعية حتى العهد الأخير وقد أيدت كما قلنا الامتيازات الممنوحة في العهود السابقة وأحدثت امتيازات أخرى فأعفت الفرنسيس من كل ضريبة وأصبحت تجارة القطن حرة ونالوا حق الصيد في بحار السلطنة وأصبح من حق سفرائهم أن يختاروا تراجمهم وكتابهم وقواصتهم ويتقدم سفراء فرنسا بحسب العادات القديمة في الأوقات الرسمية على سفراء أسبانيا وغيرها من الدول والأجانب الذين ليس لهم سفير يمثل دولتهم لدى الباب العالي يحق لهم الاتجار إذا جعلوا شعارهم شعار إمبراطور فرنسا وخفضت الرسوم الجمركية إلى ٣ في المئة للفرنساويين ويحق للأجانب الذين يحملون العلم