للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إنما عظم سليمى حبّتى ... قصب السكر لا عظم الجمل

وقال بشار نفسهفي موضع آخر بالمعنى نفسه وهو بليغ:

إذا قامت لحاجتها تثنت ... كأن عظامها من خيزران

فأنظر الفرق بين قوليه والتفاوت بين خياليه ومن أعجب ما يروى عن بشار هذا أنه سمع قول كثير بن عبد الرحمن:

ألا إنما ليلى عصا خيزرانة ... إذا غمزوها بالأكف تلين

فقال: قاتل الله أبا صخر يزعم أنها عصا ويعتذر أنها خيزرانة ولو قال عصا مخ. أو عصا زبد لكان قد هجن مع ذكر العصا فهلا قال كما قالت:

ودمجاء والمحاجرمن معدٍ ... كأن حديثها ثمر الجنان

إذا قامت لحاجتها تثنت ... كأن عظامها من خيزران

ومن المعاني ما يفضل بعضه بعضاُ بدرجات كثيرة مثل قول بشاربن بردالآنف ذكره:

وإذا أدنيت منها بصلاً ... غلب المسك على ريح البصل

فأساء تخييلاً ولعله أكل البصل فكل ذهنه ولم يتصور ألا ما أكله أين هذا من قول المتنبي:

تحمل المسك عن غدائرها الريح ... وتفترّعن شنيبٍ برود

ومن تفاضل الشعراء ما رواه الهيثم بن عدي قال: كنا جلوساً عند صالح ابن حسان فقال لنا أنشدوني بيتاً في امرأة خفرة شريفة فقلنا قول حاتم.

يضئ بها البيت الظليل خصاصة ... إذا هي يوماً حاولت أن تبسما

فقل: هذه من الأصنام أريد أحسن من هذا فقلنا: قول الاعشى:

كأن مشيتها من بيت جارتها ... كرّ السحابة لا ريث ولا عجل

فقال هذه خراجة ولاجة كثيرة الأختلاف فقلنا ما عندنا شئ فقال: قول أبي قيس بن الأسلت:

ويكرمها جاراتها فيزرنها ... وتعتلّ عن أتيانهنّ فتعذر

وليس لها أن تستهين بجارة ... ولكنا منهنّ تحيا وتحفز

وكثيراً ما يختلف حكم الشعراء في أمرين أو أكثر مثل قول ابن الرومي:

أن يخدم القلم السيف التي خضعت ... له الرقاب ودانت خوفه الأمم