فالموت والموت لا شئ يعادله ... ما زال يتبع ما يجري به القلم
كذا قضى الله في الأقلام مذ بريت ... أن السيوف لها مذ أن أرهفت خدم
وقال في ضد هذا أبو الطيب المتنبي:
حتى رجعت وأقلامي قوائل لي ... المجد للسيفّ ليس المجد للقلم
وقال في مثل ذلك أبو تمام الطائي:
السيف أصدق أنباءً من الكتب ... في حده الدّ بين الجدّ واللعب
ولقي خالد الكاتب أمد طلبة المبرد فقال له: ما الذي أنشدكم اليوم؟
قال: أنشدنا:
أعار الغيث نائله ... إذا ما ماؤه نفدا
وأن أسدٌ شكى جبناً ... أعار فؤاده الأسدا
فقال خالد أخطأ القائل هذا الشعر. قال كيف قال خالد ألا تعلم انه إذا أعار الغيث نائله بقي بلا نائل وإذا أعار الأسد فؤاده بقي بلا فؤاد قال الطالب: فكيف كان يقول؟ قال
علم الغيث الندى حق إذا ... ما حكاه علم البأس الأسد
فله الغيث مقرٌ بالندى ... وله الليث مقرٌ بالجلد
وأجتمع أبو العتاهية مع محمد بن مناذر فقال له: كم تنظم من الشعر في اليوم؟ فقال له: لا أنظم القصيد إلا في الشهر أو الشهرين فقال له أبو العتاهية: أما أنا فقد يتفق لي في اليوم من النظم الألف فأكثر فقال له نعم أنت تنظم ذلك ولكنك تنظم مثل قولك:
ألا يا عتبة الساعة ... أموت الساعة الساعة
وقولك:
أتراني يا عتاهي ... ناسياً تلك اللاهي
أما أنا فأنظم مثل قولي في رثاء عبد المجيد الثقفي:
إن عبد المجيد يوم تولى ... هدّ ركناّ ما كان بالمهدود
ما درى النعش لا ولا حاملوه ... ما على النعش من عفافٍ وجود
ويظهر تفاضل الشعراء في باب (المآخذ الشعرية) حتى أن الآخذ ربما أجاد وزاد على المأخوذ منه وربما قصر وتأخر منه ولقد نشرت في بعض المجلات كثيراً من المآخذ