أرسيخاس في فرط حرارة الباز أنه لا يتخذ لنفسه وكراً إلا في قعر وادٍ كثير الدغل من غير أن ينتقل فلو أن الدليل على حرارته سرعة حركته وعلوه في الطيران وشراسة خلقه وضرائه وقوة مخالبه وعظيم نفسه لكان أفضل ويطلب برودة الوادي لتواري قعره عن الشمس بكثرة الدغل وانحرافه عن سمت الشمس وإذا حصل الباز في أرض قليلة الدغل والشجر تراه يطلب لحف الجبل أو مرتفعاً من الأرض ذا ظلٍ وشعاب يستتر بها أو يكن ولرقته وترفه أيضاً لا يقدر على البرد والدليل على ذلك أن البزاة لا تشتي في بلادها وتطلب البلدان الدافية فإذا ذهب الشتاء وقرب الصيف عادت إلى بلادها ومواضع أعشاشها مثل بلاد أرمينية وأفريقية وجرجان وما شاكلها وكل أقليم يكون كثير الأشجار والدغل فإنها تطلبه لأن أوكارها تكون هناك ولهذا يشد تحت أرجلها وفوق كنادرها - مجاثمها - في زمان البرد والقر الشديد قطع اللبود وجلود الثعالب وغيرها من الأوبار فإنه متى غفل عنها في الشتاء ربما يلحقا من البرد قصر فتموت وكذلك في الصيف يتخذ لها المواضع الهوية المحتجبة عن حر الشمس وتتعاهد بالغسل وفرش الرمل الندي.
الباب السادس
في سفادها ومعرفته وما تتفرع إليه أخلاق البزاة - قال حكماء الهند أن الأناث من البزاة إذا حان وقت سفاد الطيور وهيجانها يغشاها جميع ما تصادفها من أجناس الضواري من البزاة وغيرها من الزرق إلى الحداة المعروفة والصقر فإنها تعلق من جميع ما يسفدها وليس لها بدّ من زرّق تألفها وتلبث معها على بيضها فلهذا السبب يختلف طبع البزاة وجواهرها في ذكائها وفراهيتها وأدبها وشراستها وقوتها وضعفها وجرأتها وجبنها مما يغشاها من الجوارح المختلفة فتفرغ عنها والدليل على صحة ذلك القول أن البازي يصطاد بالطبع من الكركي إلى العصفور جليلاً ودقيقاً فأي بازٍ لم يصد ما ذكرناه فليس هو بزر بازٍ خالص ويكون نغلاً من بزر تلك الجوارح.
الباب السابع
في نعت أفره أجناس البزاة
قالت الحكماء أن خير البزاة الأرقية والبارقية (كذا) وهي أرمينية وبزاة بلد الديلم وبزاة بلد أفريقية وهذه خيار أجناس البزاة وعلامة الأرقية أنها تكون شهل العيون وإن وجدت منها