والجبال فكل آلة موسيقية مهما كان نوعها تسلي الإنسان وتشغله في أي مكان نزل وتكون له في أوقات الاضطراب خلاً وفياً وعشيراً صفياً تذكره الماضي وتفتح له باب التفكير في المستقبل. وإذا بحثنا في أسباب ارتقاء مدنية أوربا إلى هذا الحد نجد للموسيقى تأثيراً كبيراً فيها فبدلاً من أن يولع الأطفال أوقات الفراغ بالعبث فيجتمعوا أثنين أو ثلاثة في ناحية يلعبون بالنرد أو الورق أو غيرها من الألعاب إذا مالوا للاستفادة مما في أيديهم من لآلات الموسيقية تعلو عواطفهم بالطبيعية وتزيد صلاتهم الودية وروابطهم الأخوية أمام غيرهم وينمو في الوقت نفسه ولوعهم بالشعر وبهذه الصورة تنبعث عواطفهم الوطنية ويزيد ارتباطهم بوطنهم ولا يفوتنا أن كثيراً مما عم بين الناس من الموسيقى قد كتب على صورة عادية بسيطة عامية فكما أن الشاعر يكتب عواطفه في الحوادث المؤلمة المؤثرة فالموسيقار كذلك فالموسيقى كالشعر شقيقان متلازمان. الموسيقى من الأمور الذوقية على كل حال فلأشغال الأولاد بها منذ عهد الطفولية وإشباعهم بعواطف الوطنية والقومية ليكون من الموسيقى فرض يقومون به آونة الفراغ واسطة لذكرى آبائهم وأجدادهم وتخليد لأسمائهم ويلقنوا رقة العاطفة - يجب أن تملأ أسماعهم على هذه الصورة حتى يتعشقوا الموسيقى ويتألف من أفراد الأسرة جوقة موسيقية.
كل مدرسة ابتدائية ووسطى في أوربا تحوي في برنامجها درساً في الموسيقى لا يقل عن ساعتين في الأسبوع فالدروس الأولى يكون منها تعويد الأطفال على الأصوات الموسيقية فقط وبعد سنة أو سنتين يعودون النفخ في آلة موسيقية على صورة لا تضر برنتيهم ومع الأسف أننا لا نجد في هذه الأصول وإذا رأينا في مدارس دمشق آلات موسيقية فإن ذلك منحصر في الطلبة المشتركين بهذا الدرس أما غيرهم فلا يستفيدون من ذلك وهذا ليس من الصواب في شيء ويشترط في تعليم الأطفال المزمار والكرنيتة وغيرهما من الآلات الموسيقية أن تعاين رئاتهم فكما أن الإفراط في كل شيء مضر كذلك الحال في تعليم الموسيقى الآلية للأطفال يجب أن يعلموها بحيث لا تضر برئاتهم.
أثبتت الحر الحاضرة شجاعة خارقة وبسالة فائقة للجند الألماني. وإذا تأملنا في سبب ذلك لم نجده الأمن تشبعهم بلبان الوطنية السارية في عروقهم من تأثير الموسيقى بدرجة فاقوا فيها الجند الفرنساوي. نعم نحن لا نشكر أن الموسيقى أكثر ما تلائم الألسن اللطيفة اللهجة