يكون مأموراً ولا تجد المعلمين إلا من أئمة المحلات الذين تعلموا شيئاً يسيراً من القراءة والكتابة أو من العاجزين عن البلوغ إلى درجة مأمور ومن السالكين مسالك تكفل لهم معيشتهم خاصة وزد على هذا أن ما كانت تدفعه الحكومة قبيل الآن إلى معلمي المدارس الابتدائية لا يمكن أن يسد عوزاً أو يكفي أحداً.
وبهذا تعذر على الراغبين في فن التعليم من الشبان المقتدرين القيام بأداء هذا الواجب لكن قد تنبهت الأفكار أخيراً لذلك فشرع في تزيد عدد المدارس الابتدائية وتوفير رواتب معلميها كما هي الحال في سائر البلاد فزال هذا المانع وبقيت عدة موانع منها أن الأطفال في أوربا مع كونهم لا يبلغون في الذكاء والفطنة مبلغ أطفالنا تراهم تعلموا القراءة والكتابة في زمن قليل وأما عندنا فيقضي الطفل زمناً طويلاً ليبلغ ما بلغه الناشئ في أوربا وسبب هذا التفاوت أن الطفل عندنا لم يذق لذة القراءة والكتابة وذلك بسبب أتباع الأصول العقيمة في تعليمه فإننا نبادر بتدريس الكتب في مدارسنا ونلقيها على أطفالنا الصغار بدون أن نفهمهم ما تضمنته ونعامل الطفل بقساوة زائدة أثناء التعليم فتنقبض روحه من شدة التضييق عليه وتنحبس نفسه من الجلوس على تلك المقاعد الملوثة فتميت هذه الأحوال في الطفل حاسة التعليم ورغبته في التحصيل.
ولا يجب أن يعطى الطفل حين دخوله المدرسة الكتب ومماثلها بل يجب تعليمه بعض الموجودات والأشياء بأشكالها الطبيعية وبث محبة العائلة والمدرسة والوطن في روحه وتوصيته باحترام معلمه وقذف بزور الاعتماد والثقة والارتياح والأماني في روحه وتوليد حس فيه يربطه في المدرسة أشد الربط وتعويده الطهارة والنظافة والاستفادة من الوسط والمحيط الذي يعيش فيه وترغيبه في التفريق بين النافع والضار وتحبيبه إلى أخوانه ورفقائه وتشويقه للقراءة في الكتاب المصور الذي يعطى له بعد ذلك وأما إذا ناولته كتاباً من أول الأمر وأجبرته على حفظه بالضرب على رأسه فلا شك أنه يتولد فيه حس يمزق به ذلك الكتاب ويسارع إلى الفور من ذلك الباب ولا يعود يثق بمعلمه وبهذا الأسلوب العقيم لا يمكن أن يتعلم تلميذ أصلاً.