ثم قد صار على مر الزمان ... قشره يغلظ آناً بعد آن
بيد أن النار عند الهيجان ... قد أعادت قشرها منخرما
بصدوع مدهشات البصر
شخصت أطراف هاتيك الصدوع ... بجبال شمخت منها الفروع
ولها في العين أشكال تروع ... تقذف الأفواه منها حُمما
صار منهن ركام الحجر
حصلت من قذف هاتيك المواد ... حيث يجمدن جبال ووهاد
وركاز وصخور وجماد ... بعضها دقّ وبعض عظما
وهو صلب الجسم صعب المكسر
وهناك انعقدت فيها الغيوم ... من بخارٍ كان في الجو يعوم
ردّه البرد مياهاً في التخوم ... فجرى السيل عليها مفعما
كل غور فوقها منحدر
عمها السيل فغطى حين سال ... سطحها مجترفاً منها الرمال
فطما الماء ولكن الجبال ... شخصت في الماء لما أن طما
وعلت كالسفن فوق الأبحر
غمر الماء به ما غمرا ... ثم خلّى بعضها منحسرا
محدثاً في السطح منها جُزُرا ... أنزل الماء بها ما حطما
من طفال وحتات المدر
بسيول الماء كم فيها أرتكم ... من رمال رسبت فيها أكم
ولكم خدَّت أخاديد وكم ... قد بنت من طبقات علما
نضدت فيه صفيح المرمر
ثم صارت وهي من قبل موات ... تصلح الأقطار منها للحياة
فانبرت تنبت في البدء النبات ... ثم أبدت من قواها النسما
وارتقت فيها لنوع البشر
فغدت إذ ذاك تزهو بالرياض ... وبها الأدواح تنمو في الغياض