وينسب وصول حزب الإصلاح إلى غاياته لأولئك التلاميذ الذين يتلقون العلم في المدارس خارج بلادهم وخصوصاً لمن يدرسون في كليات اليابان وكلهم يد واحدة في محاولة إصلاح بلادهم ذاك الإصلاح الذي به أصبحت اليابان مملكة مغبوطة مرهوبة الجانب والبأس وإن كثيرين من هؤلاء التلاميذ ينزعون إلى الثورة ويريدون أن يقطعوا كل صلة مع الماضي وأن يقيموا على أنقاضه أساس ملك جديد يتمكن من ضبط قياد الصفر عامة بيده. وكان من نتائج أعمالهم الشريفة أن انبث هذا الفكر على التدريج في عقول أربعمائة مليون نسمة من سكان الصين وأنشأوا صحفاً باللغة العامية أخذ منشئوها ينقدون أحوال المملكة السماوية ويطالبون بتغيير إدارتها ويحملون الحملات المنكرة على كل عامل يقف في طريق الإصلاح ويناوئ سياسته غير مبالين بما قد ينتج لهم ذلك من العذاب الشديد أحياناً.
ولم يتخلف النساء أيضاً عن الاشتراك في هذه الحركة إذ كان لهن من بنات الوزير نديمات الإمبراطورة المشار إليهن أعظم مثال ينشطهن ويحتذين مثاله فأسسن مدارس لبنات الحكام وأسست الإمبراطورة من مالها الخاص مدرسة خاصة لتهذيب بنات موظفي قصرها. وكانت المرأة الصينية إلى هذا العهد تعيش في جهالة جهلاء وحالها نسق واحد مزوجة كانت أم عازبة لا تتخلل حياتها سلوى أدبية. وإن كانت من الغنيات تمتاز بانقطاعها عن كل عمل عن نساء الشعب. أما اليوم فقد تغيرت حالها بالمرة فإن الفتيات الصينيات يذهبن إلى الكليات اليابانية ينجزن فيها دروسهن مع التلاميذ الصينيين. وأصبحت تطبع مجلات خاصة بالنساء وذلك في المدن الصينية الكبرى وتصدر كتب حديثة تبحث في شأت المرأة الصينية.
وكانت الإمبراطورة أصدرت أمراً سنة ١٩٠٢ تنصح به لقومها أن يبطلوا عادة تعصيب الأرجل لتكون صغيرة في الكبر فعادت اليوم تلغي هذه العادة البربرية رأساً بسعي مرسلي البروتستانت فتألف جمعيات لهذا الغرض أخذ أعضاؤها على أنفسهم أن يتركوا أرجل بناتهم بدون تصغير ويمنعوا أولادهم من التزوج بزوجات ضُغطت أرجلهن في صباهن حتى صغرت. وهذه النهضة النسائية من الأدلة على انقلاب حالة الصين في الزمن الأخير إذ ما كان يظهر قبل عشر سنين أن تدخل أمثال هذه الإصلاحات ويطرأ مثل هذا التبديل