وكانت الامتحانات المدرسة القديمة تجمع كل مرة من ٢٥٠ ألفاً إلى ٣٠٠ ألف مرشح بينهم بعض الشيوخ فمنذ سنتين انقلبت الحال وأبدلت تلك الدروس الخطابية على نصوص كونفوشيوس حكيم الصين والتمارين الصعبة في الإنشاء التي كان يكفي للمرء أن ينجح فيها حتى يعين عاملاً أو مهندساً أو قائداً أو طبيباً أو قاضياً أو أمير بحر إلى آخره.
وقد وضع الفاحصون في الامتحانات الأخيرة بأمر الإمبراطورة مسائل لم يعهد مثلها للمرشحين من التلاميذ ربما لا تجرؤ الكليات الفرنسية أن تضع مثلها وإليك سؤالين منها: هل يحسن التمدن الأوروبي أم لا يحسن بأمة لم تحصل عليه فقد أصبحت يابان دولة من الطراز الأول بقبولها له وعلى العكس في مصر فإنها سقطت تحت نير إنكلترا لما أدخلت إليها التمدن الغربي فماذا يستنتج الطالب من ذلك للصين. والسؤال الثاني: أي الطرق المشروعة تعمد إليها الصين لتكره الولايات المتحدة على إلغاء القوانين التي تقيد الصينيين عن الهجرة إلى أمريكا.
ولقد أوقع رخص أجور العملة الصينيين ومنازعتهم للعملة الأمريكيين بلاد الولايات المتحدة في حيص وبيص فأصبح العامل منهم لا يكسب قوته إلا بشق الأنفس ففقدت بذلك ملايين من الريالات ولم يكتفوا بذلك بل حالوا دون البضائع الأمريكية وتصريفها في مصارف الصين. وفي العام الماضي قضوا على التجارة الصينية في إقليم مغوليا وقد درست البعثة التي أنفذتها الصين إلى أوروبا ما ينبغي لأمة متحضرة من الأوضاع السياسية والمدنية لتكسر الصين قيود التقليد بعد أن كانت قروناً ترسف فيها وتصبح الصين ولها دار ندوة وابنها يعرف الانتخاب بعد أن ظلت عشرين قرناً في حروب وغارات متواصلة ومذابح لا نهاية لها كان الصينيون إذا لم يتحاربوا في خلالها بعضهم مع بعض يلتقون مع القبائل الرحَّل في الشمال والسيتين والهونسيين والأتراك والتتر وقد نسي الصينيون منذ مئتي سنة ما كانوا يمتازون به من الشجاعة وذلك على عهد أسرى مانشو الحاكمة الآن وما لقنتهم إياه من الاستكانة وحببته إلى قلوبهم من السلم واحتقار السلاح وحمله. بيد أن ظفر اليابان الأخير أضرم في قلوبهم حب الغارة وعادة إليهم شجاعتهم السالفة وأخذت الصين تعد لها جيشاً وطنياً تستعين به على دفع الطوارئ نظمته على