للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عقد العزم على أن يكون عالماً باللغات وفيها شرع لأول أمره بتعلم التركية وبالنظر في المباحث التي أطارت شهرته في العلم وفيها درس التركية والفرنسية والإنكليزية والإيطالية والإسبانية والدانيمريكية والسويدية.

وإذ رأى أن ينصرف إلى البحث في أحوال الشرق نزل عاصمة فينا يستنصح العالم دي هامير الذي نشطه على ما هو آخذ نفسه في سبيله فذهب إلى بودابست يتعلم فيها العربية والفارسية. وقضت عليه الحاجة في هذه المدينة أيضاً أن يكون مؤَدِباً ليسد بما يناله من الجر بعض حاجته ولما كانت نفسه تنزع به إلى رؤية الشرق لم يعتم عندما اقتصد ١٢٠ فلوريناً أن سافر إلى الأستانة.

وصف فمبري هذه العاصمة عقيب حرب القريم سنة ١٨٥٧ فقال إن شُذّاذ الآفاق كانوا ينهالون عليها من كل صوب وأوب والعثمانيون لا يكادون يعبئون بكل وارد عليهم بيد أنهم تلقوا المترجَم بالعطف وعاملوه بالإحسان فكان لما بلغ الأستانة لا يملك إلا دريهمات وصادف صعوبات جمة لأول أمره لكنه تمكن من التغلب عليها بمساعدة أحد مواطنيه ممن انخرطوا في خدمة الدولة العثمانية وأعني به القائد كمتي الذي دُعي بعد باسم إسماعيل باشا فسعى له هذا بوظيفة معلم عند أسرة في بك أوغلي ومن ذاك الحين دخل على ناظر الخارجي رفعت باشا بصفة أستاذ وأخذ فمبري يتشبه بالعثمانيين في أطواره ومناحيه عملاً بنصائح وطنيه إسماعيل باشا ومجاراةً له فدعا نفسه رشيد أفندي وأخذ يتعرف إلى أهل الطبقة العليا ي الأستانة على ذاك العهد ويختلط بهم ويعاشرهم. وفي خلال ذلك أيضاً بدأ يشتغل في الصحافة فعين مراسلاً لإحدى الجرائد الألمانية الكبرى.

أصبح فمبري أفندياً بحتاً لا ينقص عن أدباء الأستانة في معرفة اللغة التركية وآدابها. ولكنه لم يقنع بما حصل له من ذلك بل طمحت به نفسه إلى زيارة آسيا الوسطى وهي البلاد التي قام منها الأتراك وهاجموا أوروبا ليتيسر له أن يسمع اللغة التركية الأصلية في موطنها تلك اللغة التي لطُفَت فكانت منها اللغة العثمانية اليوم.

وكانت الصعوبات التي تحول دون هذه الأمنية كثيرة إلا أن الأستاذ فمبري لم يبال بالمصاعب. وغادر الأستانة بمساعدة المجمع العلمي الذي عينه عضواً مراسلاً ليرحل رحلة كانت فيها شهرته وبعد صيته. فاكتسى ثياب مسلم واجتاز آسيا الصغرى ودخل