التي يشتغل بها وكان يود أن يختص بفن واحد منها ولكن قلة الأجرة التي خًصت للدروس اضطرته إلى أن يتحمل هذا العذاب ويمنع نفسه من الإخصاء بفن واحد ومع كثرة اشتغاله وتألمه من كثرة عائلته ما نقطع لحظة عن التفكر بجميلة ولكن بعدها عنه وانقطاع أخباره جعلاه في يأس من الوصول إليها وكان في احتياج للزواج.
٥
في يومٍ راقت سماؤه ورق هواؤه ذهب سعيد مع صديق له يسمى رفيقاً إلى متنزه ضبيا ليصرف وقتاً بدون فكر ويتخلى ساعة عن بؤسه وشقائه. فأخذا يتجاذبان أطراف الحديث في كل ما خطر ببالهما. فساقهم الكلام إلى البحث عن الزواج شأن من لم يتزوجوا من الشبان وكان لرفيق أخوات جميلات متعلمات يود الناس الزواج بهن ولكن كان له أم عرفت بمساوئ الخلاق واشتهرت بسوء الطوية فامتنع الناس عن التأهل بأخواته. وكان رفيق في كدر من كسادهن وهو على علم من مكانة سعيد في الحال والمآل فتصور سعادة لأخته في قرانها بسعيد فتجاسر وكلفه بأن يصير له صهراً ففكر سعيد هنيهة ووعده بالقبول فتعهد رفيق بإسكانه في منزله واعتباره واحداً من أهله وفرداً من أفراد عائلته وافترقا على أمل القران فذهب رفيق وأخبر أمه بما جرى بينه وبين سعيد ومدحه لها وأعلمها براتبه وأفهمها مستقبله فسرت به وأملت بسعادة ابنتها فرضيت وساقت ابنها إلى إتمام هذا الأمر فذهب إليه غير مرة وسأله عن عزمه فأجابه بالقبول وكان سعيد فكّر في جميلة وما بينهما من الوعد. ولكنه استبعد ثبات النساء على أقوالهن والوصول إليها لما بينه وبينها من الامتياز في الطبقة وعبثاً رأى نفسه معلقة بها فرضي بالزواج وتكلم مع رفيق على مقدار المهر فرضي هذا بخمسة آلاف بعد قبول أمه ولكنهما قرراً على أن يعقد النكاح على مهر مقداره ١٥٠ ليرة رئاءً أمام الناس وعينت ليلة العقد ودعي الأقارب والخلان وشربت المرطبات وتولى الشيخ صيغة العقد وذهب كل من حضر داعياً بلسانه وهم ما بين معترض ومنتقد وساب وشاتم وحامد.
وعينت ليلة العرس ودفع المهر سعيد فاستدان وباع راتبه بنقص ليقبضه قبل ميعاده حتى يقوم بما يلزم من نفقات العرس.
واجتمع بقرينته شهيرة فوجدها على ما يرغب وسرّ بها وظن أنه نال السعادة فصار معززاً