للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مكرماً لدى أسرة رفيق بأسرها ولكنه وقع في قبضة الديون بعد أن كان يقتصد من راتبه ويجمع دراهم وصرت لا تراه إلا شاكياً باكياً من دهره يفكر ويقدر فيما يجعله غنياً وكانت عنده (تحويلات) البنك العقاري وتحويلات سكة حديد الروم ايلي فرهنها على مبلغ ليوفي ديونه فما خلص منها ولكن ذلة ليالي الوصال وأوقات الاجتماع كانت تنسيه همه وتسليه عن غمه. وظل نحو شهري بين مسرور بزوجته ومغموم بديونه وكان أخبر أمه التي تركها بدمشق بزواجه فأرسلت تطلب منه أن تحضر إليه لترى كنّتها وتلتقي بابنها فاستدان لها مبلغاً أرسله إليها فأتت ونزلت ضيفة في بيت رفيق ولم تلبث يوماً أو بعض يوم حتى أخذت أم رفيق تهينها هي وبناتها إلا شهيرة امرأة سعيد فإنها كانت تبجلها رعايةً لقرينها فتكدرت أم سعيد وأخبرت ابنها بما وقع لها فأسف لذلك واضطر إلى الرحيل فاتخذ له داراً سكنها هو وأمه وامرأته فزادت نفقته وازدادت ديونه فصعب انتقاله على أم رفيق لأنه كان يشترك معها في الإنفاق على البيت وكانت تقتصد بسببه وتخفف نفقات ابنها فسعت في إرجاع ابنتها بدعوى أنها لا تطيق السكنى مع أمه وكانت تعلّم ابنتها ما تقوله فصارت هذه تلح عليه باعتزال أمه وتبدي له الجفاء بعد أن كان لا يرى منها إلا المحبة والوفاء فصار يؤاخذها على أعمالها وينصح لها بأن لا تسمع كلام أمها فما سمعت له وتركته وحيداً من أجل أن تنال رضى أمها ورجعت إلى بيت أخيها. اغتنمت تغيب أهل الدار ذات يوم فأتت بحمالين ونقلت متاعها وتركت الدار بلا أثاث فرجع سعيد في المساء فلم يجد متاعاً وأخبره الجيران بما تم فعلن حماته والساعة التي عرف بها رفيقاً وكانت امرأته حاملاً قد أقربت وكان أخوها متغيباً عن بيروت عندما تمت هذه الأعمال القبيحة فلما رجع أخبرته أمه وعظمت المر في عينه حتى جعلت سعيداً فحمة سوداء أو حية رقطاء وصورته لابنها مثال الدناءة والرذيلة وجردته من كل شهامة وخلة كريمة ونسبت إليه من الأعمال ما لم يخطر له على بال حتى أشربته بغض صهره وساقه الحنو الأخوي للانتصار لأخته وأعماه كلام أمه عن رؤية الحق وراح يظن الباطل حقاً وأصبح لا يثق بكلام سعيد فبدلاً من أن ينصح لأخته وأمه أخذ يزيدهما عتواً وطغياناً. وكان سعيد يسعى ليصلح الخلل ونصح لرفيق ووعظه فما استفاد إلا هجراً وصداً فتركه وشأنه.

وضعت شهيرة فطلبوا منه نفقات الوضع فما تأخر عن طلبهم وأرسل إليهم جميع ما يلزمهم