وفيها من الكتب ما يلزم المؤلف والمترجم. وللمطالع أن يقرأ الكتاب الذي يريده في المكتبة وله أن يستعيره فيطالعه في بيته. وفي هذه المكاتب ضروب من الكتب كانت في وضعها بعضها مع بعض أثراً من آثار التسامح، ترى فيها كتباً من نوع واحد في الأديان والمذاهب والسياسة وإلى جانبها كتباً تنقضها. كتب الفلسفة التي تحمل على الدين موضوعة بجانب الكتب التي تؤيده وتبجله. وكذلك الجرائد ترى الصحف الاشتراكية التي دأبها انتقاد أقوال الرؤساء وأفعالهم والحكومة ومجالسها موضوعة إلى جانب الصحف التي تسالم الحكومة وزعماء السياسة. ولكل واحد الخيار في مطالعة ما يشاء وتصديق ما يشاء أو تكذيبه. ويبلغ مديرات هذه المكتبات وموظفاتها من النساء ثمانين في المئة من بقية الموظفين ويختلف راتب المديرة من ألف ومائتي ريال في السنة وهو الحد الأدنى في الرواتب التي ينالها أمثالهن إلى ألفين وأربعمائة ريال وهو الحد الأعلى.
للمستر كارنيجي المثري المشهور فضل عظيم في إتمام هذه المكاتب فإنه أنشأ ألفاً ومائتي مكتبة في ألف ومائتي بلدة ولهذا الرجل خيرات جسيمة عدا هذه المكتبات. وقد منح هذا الشهر أحد أعاظم الأغنياء واسمه مستر جون روكفلر اثنين وثلاثين مليون ريال دفعة واحدة لإنشاء مدارس وكان أعطى من قبل أحد عشر مليوناً لتلك الولاية التي منحها هذه المنحة هذه المرة فتكون جملة إعاناته للمدارس ثلاثة وأربعين مليون ريال. وبهذا يمكنك أن تقيس درجة الغنى في الولايات المتحدة.
ومعلوم أن نفوس الولايات المتحدة كان زمن استقلالها أي قبل ١٣٠ سنة أقل من أربعة ملايين وكانوا أقل الأمم ثروة فبلغوا الآن ٨٥ مليوناً ويقدرون نمو ثروة البلاد بعشرة ملايين ريال كل يوم. كل ذلك بفضل الحرية الدينية والمساواة الشخصية وانتشار العلم بين أفراد الأمة ولاسيما النساء. ففي الولايات المتحدة نحو ثمانية عشر مليون تلميذ منهم خمسمائة وخمسون ألف تلميذ في المدارس العالية منهم ٣٣٠ ألف فتاة و٢٢٠ ألف صبي. فإذا كان المتخرجون في المدارس العالية يصبحون بعد رؤساء الأمة ونخبتها فاستنتج من هذا الإحصاء أن البنات أرقى من الصبيان وتعال معي وأعجب ممن يدعي أن النساء ناقصات في عقلهن أليس هذا دليلاً حسياً لا يقبل الرد بأن البنات أرقى من الصبيان؟ اللهم لا إذا قلنا إن نساء بلادنا هن من جنس آخر أدنى ممن الجنس الأمريكي. وعليه فلا أدري