للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بالتغذية بالنباتات أنت يمتنع الإنسان عن أكل اللحم بل يكتفي المرء بأن يحتاط لنفسه احتياطاً وأحداً وذلك بأن يمضغ بتأن فإذا فعل ذلك يسعده الحظ فيعمر مئة سنة.

نعم أن تحمس أتباع فلتشر لا يخلو من غلو فقد أبان جأن فينوفي كتاب فلسفة طول الأعمار أن أحسن ما يداوي به المرء ليبلغ أقصى حدود الشيخوخة أن لا يكون فقط معتدلاً في كل شيء بل أن يكون من أسرة معمرة يبلغ أفرادها المئة سنة. وقد اعترف الأطباء في كل عصر بضرورة أطالة المضغ ليكون الهضم أصوله. وأنت ترى أن فلتشر لم يأت أمراً جديداً بل جعل من هذه الوصية الشائقة لجميع المصأبين بسوء الهضم قاعدة يسيرون علها وسنة يتبعونها.

وقد أثبت المستر ستيدان أستاذ الفسيولوجيا في كلية بال الأميركية قدر هذه الوصية فأخذ ينظر بالدقة في طعام الأساتذة والتلاميذ والجند وقسم جراية كل إلى نصفين وجرب ذلك بالدقة وأخذ يسجل على وجه الصحة ما يدخل الجوف وما يخرج منه. فتوصل أقوياء البنية بمجرد تنأولهم الطعام بتأن أن يهضموا هنيئاً مريئاً نصف الطعام وأحياناً ثلثيه وقللوا خصوصاً من معدل لأنه هو الغذاء الذي يهيج بالأكثر تركيب التو كسين فقويت أجسامهم ونشطت وحالفتها البهجة وأخذوا يتمتعون بصحة أجود من صحة أخوانهم الذين لم يسيروا على سيرتهم.

ينبغي تقليل كمية الغذاء

أن لا نسرع في تنأول الطعام بل نكثر أيضاً من تنأوله فإن هذين النقصين متلازمين بالضرورة. ولا بد لمن يسرع في تنأول أكله أن يتناول كمية كبيرة من الطعام لأن جزءاً من طعامه لا يهضم وكلما أكل زادت شهوته ونهمه ولا تنتهي به الحال إلى الشبع. ولقد عرف القدماء مضار الإكثار من الطعام فضربوا لذلك الأمثال فاشتهرت عنهم وكان أول مؤلف أشاع ذلك بين الملأ ودعا إلى عدم الإكثار من الطعام لويجي كورنا رو (١٤٦٧_١٥٦٦) فإن هذا الشريف البندقي (نسبة لمدينة البندقية) بعد أن قضى سبابه في الفسق طفق في الأربعين من عمره عقيب مرض شديد عراه يجري على ترتيب مدقق في معيشته على نحو ما يجري الرهبأن النساك فأخذ يقلل كل يوم كمية طعامه شيئاً فشيئاً بحيث أنزله إلى ٣٤٠ غرأما من الطعام الجامد و٤٠٠ غرام من الخمر ونصب له ميزاناً