هو الجد حتى تفضل العين أختها ... وحتى يكون اليوم لليوم سيدا
وجاء في آخر الشرح. هذا آخر ما اشتمل عليه ديوانه الذي رتبه بنفسه وهو خمسة آلاف وأربعمائة وأربع وتسعون من الفراغ من نسخ هذا التفسير والشرح السادس عشر شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وستين وأربعمائة قال الشيخ الأمام رحمه الله: إنما دعاني إلى تصنيف هذا الكتاب مع خمول الأدب وانقراض زمانه اجتماع أهل الكتاب أهل العصر قاطبة على هذا الديوان وشغفهم بحفظه وروايته والوقوف على معانيه وانقطاعهم عن جميع أشعار العرب جأهليها وإسلاميها إلى هذا الشعر واقتصارهم عليه في تمثلهم ومحاضرتهم وخطبهم ومقاماتهم حتى كان الأشعار كلها فقدت وليس ذلك إلا لتراجع الهمم وخلو الزمان وتقاصر الرغبات وقلة العلم بجوهر الكلام ومعرفة جيده من رديه ومطبوعه من متكلفه ومع ولوع الناس بهذا الديوان لا ترى أحداً يرجع في معرفته إلى محصول أو يعي ببيان عن مودعاته وغوامض معانيه ومشكلاته. . . .
وهاك نموذجاً صغيراً من شرحه قال:
أبي خلق الدنيا تديمه ... فما طلبي منها حبيباً ترده
قوله تديمه من فعل الدنيا وكذلك ترده أي تدفعه ويجوز أن يريد ترده إلى الوصل يقول حبيب تديمه الدنيا قد أبت ذلك أي تأبى أن تديم حبيباً على الوصال فكيف أطلب منها حبيباً تمنعه عن وصالنا وكيف أطلب منها أن ترده إلى الوصال بعد أن أعرض وهجر.
وأسرع مفعول فعلت تغيراً ... تكلف شيء في طباعك ضده
يقول أن الدنيا لو ساعدتنا بقرب أحبتنا لما دام ذلك لأن الدنيا بنيت على التغير والتنقل فإذا فعلت غير ذلك كانت كمن تكلف شيئاً هو ضد طبعه كما قال حاتم
ومن يبتدع ما ليس من خيم نفسه ... يدعه وترجعه إليه الرواجع
ومثله قول الأعشى السني
ومن يقترف خلقا سوى خلق نفسه ... يدعه وتغلبه عليه الطبائع
وأدوم أخلاق الفتى ما تشابه ... وأقصر أفعال الرجال البدائع