للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

على التأهل بهذه الزوجة ثم قال له: ينبغي لك أن تفتش على زوجة توأفقك

- لا يخفى على سعادة الباشا أن سعادة الباشا أن رفيقي أخو زوجته هو الذي غشني بأخته وكان الباشا حينئذ متغيباً عن بيروت فلو كان هنا ما تزوجت إلا بعد استشارته ولآن أسعى في سبيل الزواج ولكني عزمت على ترك هذه المسألة لرأي مولاي

- سأفكر لك بزوجة حسنة وأمر الخانم لتبحث لك عن امرأة تليق بك.

فشكر فضله وقبل يده وبعد أن مكث هنيهة في حضرته أستأذن بالانصراف إلى داره

ظلت جميلة وحيدة في المنزل وأخذت تفكر وتقول إلى متى وأنا في حرمان من الزواج؟ لست براهبة ولا يحظر علي التأهل وما يخيل لي أني أجد أحسن وأوفق من سعيد وحبي له شديد ولا أود أن أقترن بغيره فمن يطيق أن يمنعني من اتخاذه رفيقاً لي؟ إذا كان اعتقاد أبي بالمناصب والمواقع وهو لا يعلم أنه لا تمييز بين البشر بالفضائل ومكارم الأخلاق فأرادته لا تمنعني عن تذلك ولست لأمره طائعة على أن الشرع الشريف منحني حرية الزواج بعد البلوغ وها أنا ذا بلغت سن الرشد وطاعة أبي الذي ينكر الحقائق بضعف عقله وقلة علمه غير واجبة عندي إذا كان له أولد أعلم منه بمصالحهم وأعقل منه وأمثل في تدبير خصوصياتهم وأنا أعلم من أبي ولا شك بمن يصلح لي ولكن الأدب والكمال يضطرانه إلى أن يرضى عن زواجي ومن الحزم والعقل أن أسوقه إلى ما أتمناه ولكن كيف أصل إلى ذلك؟ وأخذت تفكر في وسيلة إلى تحمل أباها على أن يهم بزواجها من سعيد فجلست يوماً مع أمها وذكرت سعيداً وما قاساه من أمرأته وصارت إلى تمدح مكارم أخلاقه وتعظم مستقبله بعين أمها وتتمنى له زوجة ترتاح إليها نفسه وتطيب وكانت أمها تصدق ما تقوله حتى حمستها فقالت: إذا كان يريد الزواج فإنا سأسعى له.

فتجاسرت حينئذ جميلة وقالت لو كان لي فكر في الزواج لما تزوجت سواه. وقصدت بهذه العبارة استطلاع رأي أمها فقالت هذه نعم وأنا أوأفقك على أفكارك ولكني ما زلت استغرب امتناعك عن الزواج وقد فات أوانه وانقطعت الرغبات فيك وأنت على تصوراتك الغريبة؟

- أتدرين متى أرضى بالزواج؟ متى وفقت لكفؤ يقوم بضروراتي ويعرف قدري ولا يتزوجني إلا من أجل فضيلتي وأنت تعلمين أن الذين طلبوني حتى الأن لم يقصدوا مني إلا الانتساب لأبي ولا يخفى عليك أن الذي يطلبني من أجل أبي عندما يتوفى والدي