وقد ذكر أن يحيى كان يشهد عليه أشد شهادة، وكان ابن لبابة صاحبه ينكر ذلك عليه، إلا أنه كان يثبت أنه يقول بموت الأرواح، وبذلك كان يقول ابن لبابة.
قال الصدفى: كان نبيلا عاقلا فاضلا طيب الخلق عالما دينا، لم يدخل في مطالبة بقى بن مخلد، واحتج عليهم فيها.
وله أخبار في ورعه وتدينه يطول ذكرها.
* * *
وكان سبب تقديم أبى وهب إلى الشورى، تظافره مع الشيخين يحيى بن يحيى وسعيد بن حسان على عبد الملك بن حبيب.
وذلك أن ابن حبيب كان يخالفهما كثيرا في الفتيا، فاتفق أن حضروا يوما عند القاضي في مجلس شورى، فأفتى فيها يحيى وسعيد بفتوى، وخالفهما ابن حبيب، وادعى قوله رواية عن أصبغ.
وكان عبد الأعلى قد لقى أصبغ فاستكثر منه، فاجتمع به سعيد بن حسان *، وسأله عن المسألة، وهل يذكر فيها عن أصبغ شيئا، فأخبره عن أصبغ بما وافق فتياه وفتيا يحيى، وخلاف ما ذكر ابن حبيب، واستظهر بالقرطاس الذي سمع فيه من أصبغ.
فاجتمع سعيد ويحيى على أن يسألا القاضي إعادة الشورى، واحضار عبد الأعلى، ففعل ذلك، فأفتى ابن حبيب بمثل فتياه أولا عن أصبغ.
فقال له عبد الأعلى: كذبت. وأخرج كتابه عن أصبغ فأراه القاضي، فعنف ابن حبيب، وقال: إنما تخالف أصحابك بالهوى.
فرفع ابن حبيب بالأمر كتابا إلى الأمير عبد الرحمان، يشكو فيه تحامل يحيى وسعيد عليه، ويغرى بالقاضي، وأنه شاور عبد الأعلى دون إذنك.