للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وانما جاء خلاف ذلك من قوم من أصحاب أبى حنيفة، مذهبهم الاعتزال فى الأصول، كعبد الجبار قاضى الرى، والتنوخى، وأمثالهم من غلاة المعتزلة ودعاتهم، ومن قوم أيضا ينتسبون الى مذهب أحمد ابن حنبل، غلوا فى ترك التأويل، حتى وقعوا فى التشبيه، وأكثرهم ليس من العلم بسبيل، ولكنهم لانتسابهم الى السنة والحديث، قبلت العامة أقوالهم، ولم تنفر منهم نفورها من أولئك الأخر. فقرروا عند العامة أنه مبتدع، وأضافوا اليه من المقالات ما أفنى عمره فى تكذيب قائلها وتضليله.

وأكثر من شنع عليه بالأندلس، على بن حزم الداودى، فانه ملأ كتابه عليه وعلى أئمة أصحابه، كذبا وتشانيع باطلة، وذلك فى كتابه المسمى: بالنصائح والفضائح (٦٥).

وأثنى عليه فى كتابه الفصال، وعده فى متكلمى أهل الحديث، ومن ارتضى قوله الأئمة المالكية والشافعية.

ونظار أهل الحديث راضون عنه مقتبسون منه وقد درس عليه وعلى أصحابه * منهم جماعة حتى صاروا أئمة فى طريقه، وصنفوا الكتب على نهج طريقته وتصانيفه.

وكان أبو الحسن القابسى يثنى عليه، وله رسالة في ذكره لمن سأله عن مذهبه أثنى عليه فيها وأنصفه.

وقال أبو الحسن وقد ذكر له جواب فى مسألة لبعض العلماء فاستحسنه -: لو سئل عن هذه المسألة أبو الحسن الأشعرى ما أراه كان يجيب بأكثر من هذا، انافة بقدره.

وذكره أبو محمد بن أبي زيد فى بعض تصانيفه.

وأثنى عليه محمد بن أبى زيد وغيره من أئمة المسلمين.


(٦٥) هو كتاب النصائح المنجية، من الفضائح المخزية، واختصار اسمه: النصائح والفضائح وهو مضمن فى كتاب "الفصل فى الملل والاهواء والنحل" ج ٤ من ص ١٧٨ الى ص ٢٢٧ ويوجد مستقلا، ومنه نسخة مخطوطة فى الخزانة العامة بالرباط تحت رقم ٩٩ ق.