فتأوه الشبلى، ثم قال: كيف يمكنني أن أصف الحق بالجود، ومخلوق يقوله في شكله:
تعود بسط الكف حتى لو انه … تناها لقبض لم تجبه أنامله
تراه اذا ما جئته متهللا … كأنك تعطيه الذي أنت سائله
ولو لم يكن في كفه غير نفسه … لجاد بها فليتق الله سائله
هو البحر من أى النواحي أتيته … فلجته المعروف، والجود ساحله
ثم بكى وقال: بل جواد، فانك أوجدت تلك الجوارح، وبسطت تلك الهمم، ثم مننت بعد ذلك على أقوام بالاستغناء عنهم، وعما في أيديهم بك، فانك الجواد، كل الجواد، فانهم يعطون عن محدود، وعطاؤك لا حد له ولا صفة، فيا جواد يعلو كل جواد، وبه جاد كل من جاد.
وحكى أبو عمران: أن أبا الحسن النورى، والجنيد، أصابتهما علة، فأخبر الجنيد وكتم النورى، فقيل للنورى: لم لم تخبركما أخبر صاحبك؟
فقال: ما كنا نبتلى ببلوى نوقع عليها الشكوى، ثم أنشد:
ان كنت للسقم أهلا … فأنت للشكر أهلا
عذب فلم تبق قلبا … يقول للسقم مهلا
فذكر ذلك للجنيد، فقال: ما كنا شاكين، ولكنا أردنا أن نكشف عن عين القدرة فينا، وأنشد: