للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما قرب من شجر زيتون في طريقه وجه أحدهما في امتلاخ (٧٨) قضيب من * الزيتون، لدن معتدل، ليحده به، فلما ذهب، وجه العون الآخر يستحثه ويعينه، فلما بعد، جعل القاضي ينشد:

خلا لك الجو فبيضى واصفري … ونقري ما شئت أن تنقرى

ففهمها السكران وأسرع هاربا، وأقبل الغلامان بالقضيب، فتضاجر القاضى من احتباسهما (٦٦٥)، وقال: قد تخلص السكران منا، ما بمثلكم تقام الحدود.

وأتى برجل عليه رائحة المسكر، فأمر باستنكاهه.

فشهد عليه كاتبه برائحة المسكر، فظهر فى وجه القاضى الكراهة، وقال لآخر: استنكهه.

فقال: لا أدرى ما هذه الرائحة.

فتهلل وجهه ثم قال: انطلق لم يثبت عليك شيء.

قال ابن حارث: وتسامح من تسامح من القضاة في حد السكر واغضاؤهم عليه، لا أعلم له وجها، الا أن حده ليس بنص كتاب ولا سنة، وانما أمر النبي أن يضرب بالنعال وأطراف الثياب، ثم اجتهدت فيه الصحابة بعد ذلك، زمن أبي بكر وقد روى عن أبي بكر عند موته أنه قال: ما بقى في نفسي شيء غير حد الخمر، فانه شيء لم يفعله رسول الله ، وانما هو شيء رأيناه بعده.

وذكر بعض أصحابه قال: بينا هو يسير بشرقى قرطبة، ومعه جماعة من أصحابه الفقهاء وغيرهم، اذ أفضى الى مجمعة عرس بفناء بعض الدور، وقد اجتمعوا الى زمارين يلهونهم، في خلق عظيم، وقد قام وسطهم ماجن، قد أخرج لهم لعبتهم المسماة بعبد الخالق، قد اعتم على قلنسوته، وشبه بلحية زور بيضاء وافرة، وارتدى، وتوكأ على عصا، وهو يكلمهم بمضاحكه، اذ فجأهم موكب القاضى من حيث


(٦٦٥) من احتباسهما، ساقط من نسخة م.