تكرهه. وقد استحسنت ما أتيت به، وما أنت عندنا كسائر الرسل، بل أعظم، وما كرهت من لحوم الخنزير، إنما هو خارج من حضرتي بيني وبينه حجاب. فنهضت على كل حال. وجلست وقدّم الطعام، ومددت يدي وأوهمت الأكل، ولم آكل منه شيئاً مع أني لم أرَ على مائدته ما يكره. فلما فرغ من الطعام، بخّر المجلس وعطّره، ثم قال: هذا الذي تدعونه في معجزات نبيّكم من انشقاق القمر، كيف هو عندكم؟ قلت: هو صحيح عندنا، وانشقّ القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى رأى الناس ذلك. وإنما رآه الحضور، ومن اتفق نظره إليه في تلك الحال. فقال الملك: وكيف لم يره جميع الناس؟ قلت: لأن الناس لم يكونوا على أهبة ووعد لشقوقه وحضوره. فقال: وهذا القمر بينكم وبينه نسبة وقرابة؟ لأي شيء لم تعرفه الروم وغيرها من سائر الناس، وإنما رأيتموه أنتم خاصة؟ قلت: فهذه المائدة بينكم وبينها نسبة؟ وأنتم رأيتموها دون اليهود، والمجوس والبراهمة، وأهل الإلحاد، وخاصة يونان جيرانكم، فإنهم كلهم منكرون لهذا الشأن، وأنتم رأيتموها دون غيركم. فتحيّر الملك وقال بكلامه: سبحان الله، وأمر بإحضار فلان القسيس ليكلمني. وقال: نحن لا نطيقه. لأن صاحبه قال: ما في مملكتي مثله، ولا للمسلمين في عصره مثله. فلم أشعر إذ