للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال العباس الممسى: قد تعلمون أنه يشق على من الوضوء والوالدة أكثر مما ذكرتم، وغير ذلك من علتى هذه الظاهرة، ولكن لما بلغني من رد الناس الأمر إلى أزلت العذر، فإن عزمتم عديمة رجل واحد، فلا أضن بنفسى عنكم، لما وجب على من جهادهم.

فقال أبو إسحاق السبائى: جزاك الله يا أبا الفضل عن الإسلام وأهله خيرا، أي والله! نسير ونجد في قتال اللعين المبدل للدين، فلعل الله أن يكفر عنا بجهادنا تفريطنا وتقصيرنا عن واجب جهادهم.

فكلمهم أبو الفضل واحدا واحدا، فقال ربيع القطان: أنا أول من يسارع ويندب الناس.

وتسارع جميع الناس إلى ذلك، وذلك يوم الاثنين، لثالث عشرة بقيت لجمادى الأولى، سنة ثلاث وثلاثين، وعقدوا أمرهم على الخروج إلى المصلى بالسلاح الشاك.

فلما كان الغد، خرجوا واجتمعوا بالمصلى، بالعدة الظاهرة، فضاق بهم الفضاء من كثرتهم، وتواعدوا للخروج والنظر في الأزواد.

ثم اجتمعوا يوم الأربعاء، في السلاح، فركب ربيع فرسا، وعليه درع مصبوغ، وتقلد سيفا، وحبس رمحا، قد تعمم بعمامة، حمراء، وأبو سعيد بن أخى هشام يمشى معه، على عنقه السيف، مصلتا، وركب أبو العرب، وتقلد مصحفا، وركب غيرهما في السلاح الشاك، وشقوا القيروان ينادون بالجهاد، قد شهروا السلاح، وأعلنوا بالتهليل والتكبير، وتلاوة القرآن، والصلاة على النبي صلى الله وسلم وعلى آله، والترحم على أصحابه وأزواجه أجمعين، واستنهضوا الناس للجهاد، ورغبوهم فيه.

فلما كان يوم الجمعة، ركبوا بالسلاح التام والبنود والطبول، وأتوا حتى ركزوا بنودهم قبالة الجامع، وكانت سبعة بنود:

بند أحمر للممسى، فيه مكتوب: "لا إله إلا الله، محمد رسول الله، لا حكم إلا لله، وهو خير الحاكمين".