للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما كنت أرَى أنه بَقِيَ من يَحفظ هذا غيري.

وقال مالك في رواية أخرى: شهدت العيد فقلت: هذا اليوم يوم يخلو فيه ابن شهاب، فانصرفت من المصلى حتى جلست على بابه، فسمعته يقول الجاريته: انظرى مَن على الباب، فنظرت، فسمعتها تقول: مولاك [١] الأشقر مالك فقال [٢]: أدخليه، فدخلت فقال: ما أراك انصرفت بعد إلى منزلك، فقلت: لا. قال: هل أكلت شيئا؟ قلتُ: لا. قال: فاطعم، قلت: لا حاجة لي فيه. قال: فما تريد؟ قلتُ تُحدّثِني، فحدثني سبعةَ عشر حديثًا ثم قال: وما ينفعُك أن أحدثَك ولا تحفظُها؟ قلت: إن شئتَ رددتُها عليك، فرددتها عليه.

وفي رواية: قال لي: هات، فأخرجتُ ألواحي، فحدثني بأربعين حديثًا فقلت: زدني. فقال لي: حسبك، إن كنت رويت هذه الأحاديث فأَنت من الحُفّاظ، قلت: قد رويتها، فجبذ الألواح من يَدِى ثم قال: حَدِّث، فحدثتهُ بها، فردِّها إليّ وقال: قُم، فأنَت من أوعية العِلم، أو قال: إنك لنعم المستودع للعلم.

ورُوى عنه: حدثّني ابن شهاب بأربعين حديثا ونيِّفٌ، منها حديث السَّقِيفة فحفظتها، ثم قلت: أعِدْها عليّ، فإني أُنسيت النيف على الأربعين فأبى، فقلت أما كنت تحب أن يُعادَ عليك؟ قال: بلى! فأعاد، فإذا هو كما حفظت.

وفي رواية: أن ابن شهاب قال له: ما استفهمت عالمًا قطُّ، ثم استرجع وقال: ساء حِفظُ الناسٌ، لقد كنت آتي سعيد بن المسيب وعُروة والقاسم،


[١] مولاك: ا ب ت ط ك، هو ذاك: خ.
[٢] فقال: ب ط ك، قال: أخ ت.