من ذلك أكثرهم، إذ لا يجمع في مصرٍ واحدٍ في جامعين. ومضى أكثرهم على ذلك، وأفتى ابن العطار في قليل منهم بجواز ذلك، لاتساع البلد وعجز كثير ممن يسكن هنالك عن الوصول الى الجامع الأول. حتى قاسوا ما بين المسجدين، على أبعد الطرق بينهما، فوجدوه نحو الفرسخ. فامتثل ابن أبي عامر رأي من أجازه، على أنه لم يجمع به حتى مات قاضيه ابن زرب. وذهب من يستحيي منه، ودعا ابن أبي عامر أصبغ هذا، الى تولي الصلاة والخطبة بأهله. وكان ممن لم يرَ ذلك فامتنع. وقال: سبحان الله يا منصور أنا لا أرى الجمعة أقامت به، فكيف أقوم بها، والعرض مني كثير. فألزمه المنصور ذلك، وأظهر إكراهه عليه. فألح وامتنع، وأقسم على ذلك ولو ناله العقاب. فسخط عليه المنصور عندها، وعزله عن القضاء والفتيا. إلا أنه سلم من أذاه، وعاش بقية عمره مصوناً، الى أن مضى لسبيله. وكان ممن سخط عليه المنصور لذلك أيضاً، أبو بكر بن وافد، فأسخطه عن الشورى والشهادة، وألزمه داره. واحتصل الباقين