للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- يح -

قبل كونه (٦٩).

وموقف العقيدة السنية من عِصمة الأئمة أنها لا تقبل عِصمة أحد من الناس غير الأنبياء، كما أنها ترفض وصف الأئمة بأنهم يعلمون الغيب وما تكنّه ضمائر الناس، ويخفيه الغد.

وتعرضُ الغزالي لعلوم المكاشفة، وإفاضته فيها، واعتمادُه عليها - (٧٠) من الأسباب التي حدَت بالعلماء في المغرب أَن يقفوا من كتاب "الإحياء" موقفهم العدائى المعروف، ومن أجل هذا أيضا كان موقف عياض ورأيه، الذي رأى، في الغزالى وَفي كتبه.

ومن السهل - بعد هذا الذي أَشرتُ إليه - أن يفهم الدارس لماذا قاوم المغاربة في كل مكان دعوة الموحدين، ثم لماذا ثارت سبتة وكررت العصيان، بزعامة عياض في وجه نظام الموحدين.

والموضوع لا يسمح لي بتفصيل القول في هذا هنا، ولاكني أريد أن أقول: إن عياضا لم يتنازل قط عن عقيدته السّنية، وما كان الظنُّ به أن يفعل، وإِنّ الموحدين لم يسامحوه قطّ، ولذلك غرّبوه عن بلده، فجزع لفراقها، وكان يقول لمواطنيه عند وداعهم بسبتة: "جعلني الله فداءكم" ويبكي، (٧١) ونغَّصوا عليه أواخر حياته، إلى أن لقِى ربّه


(٦٩) أوائل المقالات ٣٧.
(٧٠) فصلنا القول عن هذا في مقدمتنا لشفاء السائل لابن خلدون.
(٧١) التعريف ١٣١.