ويضاف إليهم أيضا الذين رووا عنه كتبه الأخرى غير الموطأ، بأسانيدهم المتصلة إليه.
ولا شك أن الوقوف عند هؤلاء جميعا، وعند غيرهم كثير ممن لم نذكره، سيطول جدا، ويخرج بنا عن الغاية المتوخاة من تهيئة هذا الجزء من الكتاب للطبع، وإخراجه للناس ليقرأوه ويستفيدوا منه، على أن تتبعه على الأثر بقية الأجزاء إن شاء الله.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإننا لم نقصد في الدرجة الأولى إلى أكثر من تقديم كتاب "ترتيب المدارك " نفسه، لا إلى تأليف كتاب آخر أو كتب أخرى على هوامشه، وإذا قدر لنا انجاز ذلك إلى نهايته، فنحن خليقون بأن نحمد الله على ما هدانا إليه لنا سبيله.
لكل ذلك لم نقف إلا عند عدد يسير نسبيا من الأعلام.
فنحن نقف عند العلم عندما نجد اختلافا في رسمه بين النسخ التي بين أيدينا، ومثال ذلك. أن نجد في نسخة مثلا "قال محمد بن خالد بن عنمة" وفي نسخة أخرى "قال محمد بن خالد بن حثمة" وفى نسخة أخرى" قال محمد بن خالد بن عمه" فإن الاجتهاد الشخصي في مثل هذه الحالة لترجيح الوارد في إحدى النسخ عما ورد في النسخ الأخرى لا يغني، ولابد من الرجوع إلى المصادر للتأكد من رسم العلم أولا، والمعرفة ما يجب معرفته عن صاحبه ثانيا.
ونعود إلى (الخلاصة) لصفي الدين أحمد بن عبد الله الخزرجي، وإلى "تقريب التهذيب" لابن حجر، فتخرج منهما بأنه محمد بن خالد بن عثمة، بضم العين وسكون الثاء المثلثة، وأن عثمة هذه أمه، وأنه قد روى عن الإمام مالك .. الخ.
ونحن نقف عند العلم - فيما عدا الحالة السابقة مثلا - إذا كان فهم المتن نفسه، أي متن "ترتيب المدارك" يتوقف على معرفة شيء عن صاحب العلم.
ومثال ذلك أن يروي لنا القاضي عياض في اقتضاب كبير، أنه "لما خرج محمد بن الحسن لزم مالك بيته، فلم يخرج منه حتى قتل محمد".
فإن فهم هذا الكلام نفسه، كلام القاضي عياض، يتوقف على معرفة من هو محمد بن الحسن هذا.
ونعود إلى المصادر فنجد أنه محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، الذي كان يلقب بالنفس الزكية، والذي خرج على المنصور بالمدينة سنة ١٤٥ وقتل وهو ابن خمس وأربعين سنة.
ومثال ذلك أيضا، أن يروي لنا القاضي عياض عن الإمام مالك قوله: "كنت آتي محمد بن المنكدر، وكان سيد القراء، لا نكاد نسأله عن حديث إلا بكى حتى نرحمه، ولقد كنت آتي جعفر بن محمد، وكان كثير المزاح والتبسم، فإذا ذكر عنده النبي ﷺ، اخضر واصفر".