للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال بعضهم: حج المهدى فدخل المدينة، فسار إليه مالك، فأظهر من بره وإعظامه، وأمر ابنيه موسى وهارون أن يسمعا منه كتبه (١٩)، فبعثوا إليه فلم يصل إليهم، فأعلموا المهدى فبعث إليه:

- لم لم تأتهم؟

فقال: يا أمير المؤمنين! العلم أهل أن يوقر ويؤتى.

قال: صدق، سيروا إليه.

فلما حضروه قالوا: اقرأ علينا.

قال: إن هذا البلد إنما يقرأ فيه على العالم كما يقرأ الغلام على المعلم، فإذا أخطأ أفتاه.

فانصرفوا عنه وأعلموا المهدى، فبعث إليه فقال:

- امتنعت أن تسير إليهم فساروا إليك، فامتنعت أن تقرأ عليهم.

قال: يا أمير المؤمنين! سمعت ابن شهاب يقول: جمعنا هذا العلم من رجال في الروضة، وهم سعيد بن المسيب، وأبو سلمة، وعروة، والقاسم، وسالم، وخارجة، وسليمان، ونافع، ثم نقل عنهم ابن هرمز، وأبو الزناد، وربيعة، والأنصارى، وبحر العلم ابن شهاب، وكان هؤلاء يقرأ عليهم ولا يقرأون.

قال المهدى: اذهبوا فاقرأوا، ففى هؤلاء قدوة.

فكان مؤدبهم يقرأ لهم.

وفى رواية ابن نافع في هذا الحديث: لما دخل مالك على هارون رفع مجلسه، وقال لابنيه: قوما فاجلسا بين يدى عمكما.

فقامًا فجلسا بين يدى مالك، فقال: حدثهما.

فتغير وجه مالك، ثم التفت إلى هارون فقال:


(١٩) كتبه ساقط من ك.