للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقرئه السلام، وقل له: العلم يزار ولا يزور، أن العلم يؤتى ولا يأتي.

فرجع البرمكى إلى هارون فأخبره بذلك فغضب، وأشار عامة أصحاب مالك عليه أن يأتى هارون.

وقال البرمكي للرشيد: يبلغ أهل العراق أنك وجهت إلى مالك فخالفك! اعزم عليه حتى يأتيك.

فإذا بمالك قد دخل عليه، فسلم، وليس معه كتاب، فقال له هارون في ذلك، فقال مالك:

يا أمير المؤمنين، إن الله تعالى بعث إلينا محمدا ، وأمر بطاعته واتباع سنته، وأن نرعاه حيا وميتا، وقد جعلك في هذا الموضع لعلمك، فلا تكن أنت من وضع العلم فيضعك الله (٢٣) الله الله! لقد رأيت من ليس هو في حسبك ولا نسبك من الموالى وغيرهم يعز هذا العلم ويجله ويوقر حملته، فأنت أحرى أن تجل علم ابن عمك.

ولم يزل يعدد عليه حتى بكى، ثم قال له:

حدثني الزهرى، وذكر حديث زيد بن ثابت: "كنت أكتب بين يدى رسول الله "لا يستوى القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله" وابن أم مكتوم عند النبي فقال: يا رسول الله! قد أنزل الله تعالى في فضل الجهاد ما أنزل، وأنا رجل ضرير، فهل لي من رخصة؟ فقال رسول الله (٢٤): ما أدرى. قال زيد: وقلمي رطب لم يجف حتى غشى النبي الوحى، عليه وسلم الوحى، ووقع فخذه على فخذى فكادت تندق من ثقل الوحى، ثم خلى عنه فقال: اكتب يا زيد "غير أولى الضرر".


(٢٣) أ: فلا تكن أنت من وضع العلم فيضعك الله - ك: فلا تكن أنت أول من ضيع المعلم فيضيعك الله.
(٢٤) ما بين خطين مائلين ساقط من أ.