للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الواقدى ومصعب بن عبد الله: كان مالك يحضر المسجد، ويشهد الجمعة والجنائز، ويعود المرضى، ويجيب الدعوة، ويقضى الحقوق، زمانا، ثم ترك الجلوس في المسجد، وكان يصلى وينصرف، ثم ترك عيادة المرضى وشهود الجنائز، فكان يأتى أصحابها فيعزيهم، ثم ترك مجالسة الناس ومخالطتهم، والصلاة في مسجد النبي حتى الجمعة، ولا يعزى أحدا، ولا يقضى له حقا، فكان يقال له في ذلك، فيقول: ما يتهيأ لكل أحد أن يذكر ما فيه.

وفى بعض الروايات: من الأعذار أعذار لا تذكر.

فاحتمل الناس له كل ذلك، وكانوا أرغب ما كانوا فيه وأشده (١٠٠) تعظيما له، حتى مات على ذلك.

قال عتيق بن يعقوب ومصعب: فلما حضرته الوفاة سئل عن تخلفه عن المسجد، قال عتيق بن يعقوب: وكان تخلفه عنه قبل موته بسنين (١٠١)، فقال:

- لولا أنى في آخر يوم من أيام الدنيا، وأوله من الآخرة ما أخبرتكم، سلس بولى * فكرهت أن آتي مسجد النبي على غير طهارة استخفافا برسول الله ، وكرهت أن أذكر علتى فأشكو ربى.

وفى طريق آخر أنه قال: حنيفة أن آتي (١٠٢) منكرا.

وفي رواية خلف بن محمد (١٠٣) عنه: إني ضعفت عن ذلك.


(١٠٠) ك، ط، م: وأشده - أ: واشدهم.
(١٠١) ك، م: بستين - أ، ط: بسنتين.
(١٠٢) ك: أن آتي … - أ: ان أرى …
(١٠٣) ك، م: خلف بن محمد، وهو خلف بن محمد بن عيسى القافلاني أو القافلائي، توفي سنة ٢٧٤، انظر الخلاصة للخزرجي ص ١٠٦ وتقريب التهذيب ص ٥٣ - وفى نسختي أ، ط: خلف بن عمر.