للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عندنا قوم يقال لهم الصوفية، يأكلون كثيرا، ثم يأخذون في القصائد، ثم يقومون فيرقصون.

فقال مالك: أصبيان هم؟

قال: لا.

قال: أمجانين هم؟

قال: لا، هم قوم مشايخ، وغير ذلك، عقلاء.

فقال مالك: ما سمعت أن أحدا من أهل الإسلام يفعل هذا.

فقال له الرجل: بل يأكلون ثم يقومون ويرقصون دوائب (٩٧)، ويلطم بعضهم رأسه، وبعضهم وجهه.

فضحك مالك ثم قام فدخل منزله، فقال أصحاب مالك للرجل: لقد كنت يا هذا مشؤوما على صاحبنا، لقد جالسناه نيفا وثلاثين سنة ما رأيناه ضحك إلا في هذا اليوم.

قال يحيى بن الزبير: قال لي مالك: اعتزلت أنت وعبد الله بن عبد العزيز؟ قلت: نعم، قال: عجلتم، ليس هذا أوانه.

قال: ثم لقيت مالكا بعد عشرين سنة، فقال: هذا أوانه، ثم اعتزل ولزم بيته.

* * *

قال بعضهم: لم يشهد مالك الجماعة والجمعة سبع سنين (٩٨).

قال محمد بن عمر: لما خرج محمد بن الحسن (٩٩) لزم مالك بيته فلم يخرج منه حتى قتل محمد.


(٩٧) ا، ط: دوائب - ك، م: نوائب، وفى لسان العرب، الدأب: السوق الشديد والطرد، ودأبت: إذا اجتهدت في الشيء.
(٩٨) أ، ط: سبع سنين - ك، م: سنين.
(٩٩) هو محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، كان يلقب بالنفس الزكية، وكان قد خرج على المنصور بالمدينة سنة ١٤٥ فقتل وهو ابن خمس وأربعين سنة.