رأيت أهل طاعة الله وما صاروا إليه من كرامة الله ومنزلتهم مع قربهم من الله تعالى ونضرة وجوههم ونور ألوانهم وسرورهم بالنظر إليه والمكانة منه، والجاه عنده مع قربه منهم لتقلل في عينك عظيم ما طلبت به الدنيا فاحذر على نفسك حذراً غير تقرير وبادر إلى نفسك قبل أن تسبق إليها وما تخاف الحسرة فيه عند نزول الموت وخاصم نفسك لله تعالى على مهل وأنت تقدر بإذن الله تعالى على جر المنفعة، وصرف الحجة عنها قبل أن يوليك الله حسابها ثم لا تقدر على صرف المكروه عنها ولا جر المنفعة، وصرف الحجة عنها قبل أن يوليك الله حسابها ثم لا تقدر على صرف المكروه عنها ولا جر المنفعة إليها.
اجعل الله من نفسك نصيبها بالليل والنهار، إن عمرك ينقص مع ساعات الليل.
وأنت قائم على الأرض وهو يساربك، فكلما مضت ساعة من أجلك، والحفظة لا يغفلون عن الدق والجل من عملك حتى تملأ صحيفتك التي كتب الله عليك فعليك بخلاص نفسك إن كنت لها محباً، فاحذر وما قد حذرك الله منه تعالى فإنه يقول: ويحذركم الله نفسه، ولا تحقر الذنب الصغير مع ما علمت من قول الله تعالى: فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره.
وقال: ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد.
وحافظ على فرائض الله واجتنب سخط الله واحذر دعوة المظلوم واتق يوماً ترجع فيه إلى الله والسلام.
وقال ابن نافع الصائغ كتب مالك إلى بعض الخلفاء كتاباً فيه: اعلم أن الله تعالى قد خصك من موعظتي إياك بما نصحتك به قديماً وأتيت لك فيه ما أرجو أن يكون الله تعالى جعله لك سعادة وأمراً جعل به سبيلك إلى الجنة فلتكن رحمنا الله وإياك فيما كتبت إليك مع القيام بأمر الله وما استدعاك الله في رعيته فإنك المسؤول عنهم صغيرهم وكبيرهم وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، وروي في بعض الحديث أنه يؤتى بالوالي ويده مغلولة إلى عنقه فلا يفك عنه إلا العدل، وكان عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه يقول والله إن هلكت سخلة بشط الفرات ضياعاً لكنت أرى الله تعالى سائلاً عنها عمر.
وحج عشرة سنين وبلغني أنه كان ما ينفق في حجة إلا اثني عشر ديناراً.
وكان ينزل في ظل الشجرة ويحمل على عنقه الدرة ويدور في الأسواق يسأل عن أحوال من حضره وغاب عنه.
وبلغني أنه وقت أصيب حضر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأثنوا عليه، فقال المغرور من غررتموه، لو أن ما على وجه الأرض ذهبا لا افتديت به من أهوال المطلع.
فعمر رحمه الله تعالى كان مسدداً موفقاً مع ما قد شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة، ثم مع هذا خائف لما تقلد من أمور المسلمين فكيف من قد علمت.
فعليك بما يقربك إلى الله وينجيك منه غداً، أو احذر يوماً لا ينجيك فيه إلا عملك.
ويكون لك أسوة بما قد مضى من سلفك وعليك بتقوى الله فقدمه حيث هممت وتطلع فيما كتبت به