للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: مضيت إلى مالك بن أنس فأقمت له الصراط المستقيم، قال: فأتيت مالكا فوجدته يدون الموطأ، فأخبرته بالخبر فبكى.

* * *

وروى أبو مصعب أن أبا جعفر قال لمالك: ضع للناس كتابا أدلهم (١٥٢) عليه، فكلمه مالك في ذلك، فقال: ضعه، فما أحد اليوم أعلم منك، فوضع الموطأ، فلم يفرغ منه حتى مات أبو جعفر.

وقال أبو مصعب: سمعت مالكا يقول: دخلت على أبي جعفر بالغداة حين وقعت (١٥٣) الشمس بالأرض، وقد نزل عن ماله (١٥٤) إلى بساطه، وعلى البساط برذونان قائمان من حين دخلت إلى حين خرجت، لا يبولان ولا يروثان أدبا، وإذا بصبي يخرج ثم يرجع، فقال:

- أتدري من هذا؟

قلت: لا.

قال: هذا ابني، وإنما يفزع من شيبتك.

وفي رواية: استنكر قرب مجلسك منى ولم ير به أحدا غيرك قط، وحقيق أنت بكل خير، وخليق بكل إكرام - وكان قد أدناه إليه وألصق ركبته بركبته - فلم يزل يسألنى حتى أتاه المؤذن بالظهر، فقال لي:

أنت أعلم الناس، وفي رواية: "أهل الأرض".

فقلت: لا والله يا أمير المؤمنين.

قال: بلى، ولكنك تكتم ذلك، وفى رواية: فما أحد أعلم منك اليوم بعد أمير المؤمنين، وإن بقيت لأكتبن كتبك (١٥٥) بماء الذهب، وفي رواية: كما تكتب المصاحف، ثم أعلقها في الكعبة، فأحمل الناس عليها.


(١٥٢) أ: أدلهم - ك: أحملهم.
(١٥٣) أ، ك، ط: وقعت - م: وقفت.
(١٥٤) أ: عن ماله - ك: عن شماله - ط: عن مثاله.
(١٥٥) أ: كتبك - ك: كتابك.