للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقلت: يا أمير المؤمنين لا تفعل، فإن في كتابى حديث رسول الله ، وقول الصحابة، وقول التابعين، ورأى هو إجماع أهل المدينة لم أخرج عنهم، غير أنى لا أرى أن يعلق في الكعبة.

قال: وقال له أبو جعفر وهو بمكة: اجعل العلم يا أبا عبد الله علما واحدا.

قال: فقلت له: يا أمير المؤمنين أن أصحاب رسول الله تفرقوا في البلاد، فأفتى كل في مصره بما رأي، وفى رواية (١٥٦): أن لأهل البلاد قولا، وإن لأهل المدينة قولا، ولأهل العراق قولا قد تعدوا فيه طورهم.

فقال: أما أهل العراق فلست أقبل منهم صرفا ولا عدلا، وإنما العلم علم أهل المدينة، فضع (١٥٧) للناس العلم.

وفي رواية: فقلت له: أن أهل العراق لا يرضون علمنا.

فقال أبو جعفر: تضرب عليه عامتهم بالسيف، وتقطع عليه ظهورهم بالسياط.

وفى بعضه: أن أبا جعفر قال له: إني عزمت أن أكتب كتبك هذه نسخا، ثم أبعث إلى كل مصر من أمصار المسلمين نسخة وآمرهم أن يعملوا بما فيها، ولا يتعدوها إلى غيرها من هذا العلم المحدث، فإنى رأيت أصل العلم رواية أهل المدينة وعلمهم.

فقلت له: يا أمير المؤمنين لا تفعل، فإن الناس قد سبقت لهم أقاويل، وسمعوا أحاديث، ورووا روايات، وأخذ كل قوم بما سبق إليهم وعملوا به ودانوا له من اختلاف أصحاب رسول الله وغيرهم، وإن ردهم عما اعتقدوه شديد، فدع الناس وما هم عليه، وما اختار أهل كل بلد لأنفسهم.

فقال: لعمرى لو طاوعتنى على ذلك لأمرت به.


(١٥٦) أ: وفى رواية - ك: وفى طريق.
(١٥٧) ك: فضع - أ: فدع.