نعم، ففى هذا الإطار الواسع، إطار خدمة الثقافة العربية الإسلامية، وبعثها، وتيسير تناولها والرجوع إليها، كان مولانا أمير المؤمنين الحسن الثاني نصره الله، قد أصدر أمره الشريف إلى هذه الوزارة بأن تتولى تحقيق عدد من الكتب، وطبعها، وتوزيعها في العالم الإسلامي بأسره، وحيثما كان هنالك مسلمون أو معنيون بالدراسات الإسلامية.
وهكذا، وتنفيذًا لهذا الأمر الملكي الكريم، صدر عن وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية حتى الآن، عدد لا يستهان به من الكتب، في الحديث، والفقه، واللغة والتاريخ وغير ذلك، نذكر منها على الخصوص:
- الجزء الأول من كتاب "التمهيد لما في الموطأ من المعانى والأسانيد" للإمام الحافظ أبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر.
وكتاب "الإعلام بحدود قواعد الإسلام" للقاضي عياض.
ثم هذا الكتاب، كتاب "ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك" للقاضي عياض أيضًا؛
وقد صدر منه من قبل الجزءان الأول والثانى، وهما يعتبران أوسع مرجع على الإطلاق في ترجمة الإمام مالك، والإحاطة بأخباره وأحواله، وتدوينه للعلم، ونشره له، وبسط الأسس التي يقوم عليها مذهبه في الفقه؛
وهذا هو الجزء الثالث من هذا الكتاب الذي يعتبر موسوعة في بابه، وفيه يبدأ القاضي عياض ﵀، تراجمه لعلماء المذهب المالكي، ويستمر في ذلك إلى نهاية الكتاب الذي يقع في سبعة أجزاء، يختص الأولان منها - كما سبقت الإشارة إلى ذلك - بالإمام مالك ﵀، وتضم الأجزاء الباقية تراجم أزيد من ألف وخمسمائة من علماء المذهب المالكي.
***
فإلى سدتكم العالية بالله يا مولاي، تتقدم اليوم وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية بالجزء الثالث من هذا الكتاب، راجية أن يحالفها التوفيق فتسير في تحقيقه وطبعه إلى النهاية، منفذة بذلك أمركم السامي، ومستجيبة لرغبتكم الصادقة، في إخراج هذا الأثر العلمي الجليل، ليصبح متداولا بين الناس، بعد أن طال أمد حبسه في رفوف المخطوطات، حيث لم يكن يتيسر الاطلاع عليه إلا لقلة من العلماء المتخصصين في ذلك والمتفرغين له؛