للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفضَّ حلَق المخالفين [١]، واستقرَّ المذهبُ بعده [٢] في أصحابه، فشاع في تلك الأقطار إلى وقتنا هذا.

وكان بالقيروان قومٌ قِلَّة في القَديم أخذوا بمذهب الشافعي، ودَخلَها شيء من مذهب داود، ولكنّ الغالبَ عليها إذ ذاك مذهبُ المدينة والكوفة، وكان الظهور في دَولة بني عبيد لمذهب الكوفيين، لموافقتهم إياهم في مسألة التّفضيل، فكان فيهم القضاءُ والرياسةُ.

وتشَرّق منهم قوم تقَمّنًا لمسَرّاتهم [٣]، واصطيادًا لدنياهم، وأخرجوا أضغانهم على المدنيّين [٤]، فجَرت على المالكية في تلك المدة محَنٌ، ولكنّهم مع ذلك كثيرٌ، والعامّة تقتدِي بهم، والناشيء فيهم ظاهرٌ، إلى أن ضعُفت دولةَ بني عُبيد بها [٥]، من لدن فتنة أبي يزيد الخارِجي، فظهَروا وفشوا عليهم [٦]، وصنّفوا المصنفات الجليلة، وقام منهم أئمة جَلّة طار ذكرهم [٧] بأقطار الأرض؛ ولم يزل الأمر على ذلك إلى أن خرجَت القيروان [٨] وأهلها وجهاتُها، وسائرُ بلاد المغرب مُصفِقةً [٩] على هذا المذهب، مجتمعة [١٠] عليه، لا يُعرَف لغيره بِها قائم [١١].

وأما أهل الأندلس فكان رأيهم منذ فُتحت على رأى الأوزاعي إلى أن رَحل إلى مالك زيادُ بن عبد الرّحمن، وَقرْ عُوس بن العبّاس، والغاز بن قَيس، ومَن بعدَهم [١٢]، فجاءوا بعالمه، وأبانوا للناس فضله [١٣] واقتداء


[١] وفض حلق المخالفين: ب ت ك خ، ورفض خلاف المخالفين: ا
[٢] واستقر المذهب بعده: ب ت خ ك، واستقرّ به المذهب: ا
[٣] لمسراتهم: ا، لمسرتهم: ب ت خ ك
[٤] على المدنيين: ب، عن المدينين: ا ت ع
[٥] عبيد بها: ب ت خ، عبيد فيها: ا
[٦] وفشوا عليهم: ب ت، وأفشوا علمهم: ا
[٧] طار ذكرهم: ب ك، صار ذكرهم: ا ت
[٨] خرجت القيروان: ب خ ك، خربت القيروان: ت
[٩] مصفقة: ا ب، مطبقة: ك خ ت
[١٠] مجتمعة: ب ك خ مجمعة: ا ت
[١١] لغيره بها قائم: ب، لغيره به قائم: ا، لغيره قائم: ت ك
[١٢] ومن بعدهم: ب ت، ومن بعدهما: ك خ
[١٣] للناس فضله: ت ك، للناس من فضله: ا.